عندما تصل الخلافات إلى الحد الذي يجعل استمرار الحياة عسيراً على أطراف العلاقة يكون الاختيار الأمثل هو الانفصال؛ يحتاج الأمر بالطبع إلى مهارة اختيار التوقيت والكيفية والنظر في القرار، والتمييز بين العلاقة التي تحتاج البتر والأخرى التي تحتاج إلى تعديل المسار، ولو كان أول الحلول لما استقامت علاقات البشر؛ فالعلاقات حبل يحتاج أن يمسك كلا الطرفين به، وشبكة تحتاج دوام التواصل والاتصال حتى لا تنقطع والمودة نبتة تحتاج من يسقيها، مزيد من الحديث حول هذا الموضوع في مقالنا اليوم على موقعنا معلومة مفيدة.
الانفصال
ربما وددنا لو كان حديثنا عن العودة؛ ولكن ربما في الانفصال عودة، واسترجاع للحياة الطبيعية التي لبدها غيوم الخصام وشوشها ضباب الخلافات، وربما هو عودة للصداقة أو علاقة سطحية ملؤها الاحترام، مزيد من إلقاء الضوء على هذه المعاني في السطور القادمة:
- تعني كلمة الانفصال في اللغة الانقطاع والابتعاد.
- كما تشير كلمة انفصل عن زوجته أي الهجر دون طلاق.
- والانفصال في العموم هو الشيء المفرقة أجزائه.
- حينما نقول مثلًا انفكت أجزاء السيارة عن بعضها أي انفصلت أجزائها.
- ومن هذا التأصيل اللغوي لكلمة الانفصال، وبما أن مدار حديثنا في هذا المقال عن العلاقة الزوجية؛ فالانفصال فيها ينقسم إلى نوعين:
- انفصال روحي أي تباعدت وتنافرت الطبائع حتى صار الخلاف ثمة يومية، وأصبحت المشكلات حديث الصباح والمساء.
- والنوع الثاني من الانفصال حين يسير فعليًا كل طرف ويمضي في طريق غير طريق الآخر سواء وقع الطلاق أم لم يقع، ولكن يميز هذا النوع من الانفصال العيش في أماكن منفصلة وحينها نقول أن العلاقة قد انتهت.
متى يجب علينا إنهاء العلاقة
الانفصال قرار من الصعب أن يمليه عليك أحد أو يشير عليك به بل هي لحظة تحسمها عندما يزداد الحائط بينك وبين شريكك ارتفاعاً وصلابة، هنا تنطلق الإنذارات الداخلية لتخبرك بأن عليك أن تتوقف عن هذه العلاقة التي تستنزف منك محاولات يائسة للصمود، في هذه السطور نتعرف على أهم هذه الإنذارات:
- عندما يصبح النقد هو لغة التعليق على كل شيء، مثل، لقد أصبحت بدينًا، لماذا الطعام غير جيد، أنت لا تضيف شيئًا يبهجني، حتى يصبح النقد الهدام سمة في الحوار لا يحيد عنها.
- كما ينبغي أن تنتهي العلاقة حين يسيء أحد الطرفين إلى الآخر بدنيًا أو لفظيًا.
- وتجدر الإشارة كذلك إلى أن الإهانة من الأمور التي يصعب تداركها وإصلاحها.
- عندما تلاحظ كذلك أن شريكك كثير الكذب والمراوغة.
- إذا كان شريكك يمارس عليك الألعاب النفسية وهو من أشد الأمور خطورة في أي علاقة، ومنها:
- توجيه اللوم لك باستمرار حتى يصرف النظر عن أخطاؤه.
- ممارسة الصمت العقابي بعد الدخول في أي مناقشة.
- الابتزاز العاطفي مثل التهديد بالانتحار.
- كما يستخدم البعض إشعارك بالذنب من أجل الحصول على ما يريدون.
- الانتقاد الدائم إلى الحد الذي يجعلك لا تثق بنفسك.
- استدعاء المشكلات القديمة التي لا ينساها لك واستخدامها بعد كل خلاف.
- كما لديه القدرة على تشكيكك في ذاكرتك وإعطائك تصورات سيئة عن نفسك.
- إذا كان شريكك لا يقضي معك الأوقات بالرغم من لفتك انتباهه إلا أنه لا يقضي الأوقات معك.
- في العلاقات السامة تجد نفسك في دوامة من محاولة تبرير تصرفاتك حسنة النية.
- شريكك في مزاج سيء بشكل دائم ولا مبررات واضحة و لا حلول.
- إذا كان لدى أحد الطرفين رغبة ملحة في الانفصال حتى ولو لم يبدي أسبابًا واضحة.
- الفشل في إصلاح العلاقة حتى بعد اللجوء إلى المختصين.
- تكرار الخيانة.
- عدم أداء أحد الطرفين مسئولياته وعدم أدائه لواجباته مع مطالبته المستمرة بحقوقه.
لماذا تبدو بعض العلاقات سامة
يتسم البعض في علاقاته بإنهاك الآخر؛ فتشعر عندما تبتعد عنه وكأنك ترمم كل أجزائك وتستعيد أفكارك المبعثرة وكأنك كنت معزول في منطقة نائية تلتفت يمينًا ويسارًا لا تجد الاتجاه الصحيح أبدًا، وهكذا العلاقات السامة تربك علاقتك بنفسك، تعزلك كذلك عمن حولك وعن أغلب الأشياء الإيجابية التي كنت تمارسها؛ فلماذا تتسم بعض العلاقات بأنها سامة:
- التنشئة الاجتماعية الخاطئة فالبعض يتصرف دون أن يدري أنه يرتكب خطأً.
- كما يؤدي التعرض للإساءة في الطفولة إلى التسبب في الحرمان العاطفي الذي يشوه الشخصية.
- إذا لم يحصل الطفل على الحب والإشباع الكافي ربما يحصل عليه في الكبر بابتزاز الآخر والإساءة إليه.
- تعلم سلوكيات المقارنة واستغلال الآخر وابتزازه من أحد القائمين على الرعاية سواء الوالدين أو غيرهم، وسواء تمارس عليه أو رآها تمارس على غيره.
- كما تعد سمية العلاقات سمة لبعض اضطرابات الشخصية، مثل:
- اضطراب الشخصية النرجسية: وهو اضطراب يجعل الشخصية أنانية لا تفكر إلا بنفسها لديه استعداد لتدمير أي إنسان يتوقف عن مدحه أو تحقيق رغباته.
- كما يعد اضطراب الشخصية السادية كذلك من المسببات: حيث يتلذذ في إيذاء الآخر بأي شكل.
- الاضطراب ثنائي القطب أو الهوس.
- واضطرابات الشخصية الحدية.
هل للانفصال فوائد
علينا أن ننتبه دائماً قبل إلقاء اللوم على الآخر فربما تبدو أفعالنا أيضًا سامة للآخرين، وربما يعود اضطراب العلاقة إلى عدم توافق الشخصيات فيصبح كل طرف سام للآخر، بينما يمكن أن يحقق كليهما النجاح في حال دخولهما في علاقة أخرى، أو ربما زيادة الخبرة يؤدي إلى تحاشي تكرار الأخطاء في كل علاقة، تخبرنا السطور التالية عن فوائد الانفصال عن العلاقات المجهدة:
- تراكم الخبرات يحقق القدرة على البحث عن الشريك الملائم.
- كما يؤدي الانفصال في حالة العلاقات التي يكثر فيها النقد إلى استعادة الثقة بالنفس.
- في حالة الفتور الجنسي بين الزوجين الذي ليس له حل ينذر بأنه قد حان الوقت للبحث عن علاقات أكثر إشباعًا.
- مزيد من الانطلاق والحرية في البحث عن أهداف جديدة دون التقيد بالشريك.
- استعادة الهدوء كذلك هو أحد المزايا بعد صراعات ونقاشات تستهلك جزءًا كبيرًا من الوقت.
- الاستفادة من الأخطاء، والتغيير إلى الأفضل لكلا الطرفين فمن الصعب أن يحدث التغيير داخل حيز علاقة لا توفر هذه الفرصة.
الصعوبات التي يمكن أن تواجهنا مع نهاية العلاقات
معظم الناس يخشى التغيير ويفضل منطقة الراحة؛ أن تغير وظيفتك أو محل سكنك يعد هذا الأمر مربك وقليل من يقبل عليه بسهولة فالإنسان بطبيعته محب للاستقرار لا سيما في العلاقات والتي يعد على رأس أهدافها هو تحقيق الاستقرار، فما هي أهم الصعوبات التي تواجهنا عندما نصبح خارج منطقة راحتنا وهي الشريك:
- بعض الخبراء النفسيين يشبهون التعافي من العلاقات العاطفية والانفصال عنها بالانسحاب أو التعافي من المخدرات.
- إذا كان هناك أطفال فلا شك أن الأمر يزداد صعوبة نظراً لتضررهم من انفصال الوالدين.
- كما يعد اعتماد أحد الشريكين على الآخر وبخاصة الاعتماد المادي أحد الأمور التي تصعب قرار الانفصال.
- توجيه اللوم إلى الذات بأنها قد تكون السبب في تدمير العلاقة.
- ضعف الثقة بالنفس حيث يبدأ الشخص في سؤال نفسه، ما عيوبي التي جعلت العلاقة لا تستمر.
- بعد الانفصال ربما يصاب البعض بالشعور بالوحدة والضعف والانكسار.
نصائح للتغلب على أزمة الانفصال
حينما يقف الإنسان في حياته على مفترق طرق، أو يتعرض لحادثة أو موقف يقلب حياته رأسًا على عقب وبخاصة إذا كان الأمر يتعلق بأمور تعود عليها كالعلاقات، عليه أن يتعافى بنفسه فلا احد يستطيع أن يقوم بتلك المهمة غيره، ومن وسائل التعافي:
- تقبل الألم أو الشعور بالارتباك والاستماع إلى مشاعرك.
- تدوين هذه المشاعر كتابيًا يعد مفيدًا كذلك.
- الاستعانة بطبيب نفسي من الممكن أن يساعدك في تخطي الأزمة.
- لا تتابع أخبار شريكك بعد الانفصال عنه على مواقع التواصل الاجتماعي.
- تعلم هوايات وفنون جديدة، مثل: الموسيقى أو الرسم.
- ممارسة الرياضة تساعد على تخفيض التوتر.
- فتح الباب لعلاقة أخرى تناسبك.
- إذا كان الطرف الآخر يتعقبك فعليك بحظره عن الاتصال.
- كما يمكنك الاستعانة بكل ما يمكنه مساعدتك لإيقاف ملاحقتك أو تهديدك إذا كان الشريك الذي انفصلت عنه يتسم بهذه السمة المؤذية.
اقرأ أيضًا: كيف انسى الماضي
الآداب التي يجب أن نتحلى بها بعد الانفصال
كثيرًا ما نسمع عبارة” النهايات أخلاق” وجميعنا يتفق مع هذه العبارة فالأخلاق تظهر مع الخلاف، لذلك هناك أمور على الطرفين التحلي بها عند قرار الانفصال:
- علينا أن نعلم أن البداية السليمة تحقق النهاية السليمة فحسن اختيار الأشخاص الذين يتحلون بالأخلاق يساعد على ذلك.
- لابد أن يجلس كلا الطرفين للاتفاق على طريقة الانفصال وما لكل طرف من حقوق.
- عدم ممارسة الاختفاء المفاجئ دون إبداء أسباب.
- تجنب أساليب الإساءة إلى الآخر بالتشهير أو غيره.
- إذا كان هناك أطفال نتاج لهذه العلاقة فلابد أن يحافظ كل الطرفين على الاحترام من أجلهم والاتفاق على طريقة لرعايتهم.
- كما على الطرفين أن يتذكر مميزات الآخر وما كان بينهما من لحظات سعيدة وإيجابية.
- أن يتمنى كل منهما حظ أفضل للآخر.
- الاستعانة بخبير نفسي أو أسري.
هل يمكن العودة بعد الانفصال
بعد فترات من الابتعاد ربما يشعر أحد الشريكين أو كليهما أن الخلافات جرفتهما للابتعاد اكثر من اللازم وأن الأمر لم يكن سوى عاصفة مؤقتة وأن الخسائر تقبل الترميم، فيسعى كلاهما لاستعادة العلاقة، بالطبع إن ذلك ممكن ويشعر الجميع من حولهم بالسعادة، فما هي الشروط:
- أن يتحدثان بعد العودة عن الأسباب التي أدت إلى تفاقم المشكلة ومن الأفضل الاستعانة بخبير في العلاقات الأسرية.
- كما ينبغي أن يعلما أن المشكلات القديمة ربما تعاود الظهور مجددًا لذا عليهما التعامل معها بطريقة مختلفة.
- عند عودة العلاقة عليهما أن يقوما بالتجهيز لرحلة أو نشاط مختلف لتجديد العلاقة.
- الاستفادة من الطرق الخاطئة في التعامل مع المشكلات التي هددت علاقتهما في البداية.
- الاعتذار عن الخطأ يتيح للعلاقات أن تستعيد عافيتها.
كيف نتجنب الانفصال
حينما نبني علاقة جديدة فإن أهم أهدافها هو الاستمرار، فما الأمور التي يمكن أن تقلل من فرص الانفصال:
- الاختيار الجيد للشريك من خلال تحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي والثقافي.
- تقبل أن الحياة لا يمكن أن تخلو من المشكلات.
- كما علينا أن نعلم حقيقة أنه لا يوجد شخص مثالي.
- التأهيل قبل الزواج والتدريب على كيفية التعامل مع المشكلات.
- تجنب إهانة شريكك أو توجيه العبارات القاسية له.
- لا تكن الطرف الذي يرغب أن يأخذ دون أن يعطي.
- كما عليك الانتباه لعيوبك وليس لعيوب الطرف الآخر وحده.
- في حالة وجود صعوبات ومشكلات لا تسمحا للأطراف بالتدخل؛ يمكنكما فقط الاستعانة بالخبراء.
- كما يجب أن يستخدم كل طرف مهارة الإنصات للآخر والحوار والتفاهم والاستيعاب.
أسئلة شائعة
لماذا يعتبر الطلاق مشكلة؟
الانفصال هو قرار صعب بالنسبة للبعض؛ لأنه يهدد استقرار الحياة كما يتبعه كذلك بعض المشاعر الغير سارة، مثل: الاكتئاب والقلق وضعف الثقة بالنفس بالإضافة إلى الالتزامات التي يجب أن يحققها كل طرف عند الانفصال.
في أي سن تحدث معظم حالات الطلاق؟
بالطبع يختلف الأمر من مجتمع إلى آخر ومن فترة زمنية لأخرى، ولكن معظم حالات الطلاق تقع في الأعمار ما بين العشرين والثلاثين، ومع التقدم في العمر يصل الشريكين إلى حالة من النضج تشجع على استمرار العلاقة.
الحياة في ذاتها بداية ونهاية؛ فلا نتعجب أن تسير الأمور فيها بنفس الطريقة فدوام الحال من المحال، علاقات تستمر وأخرى يكون نهايتها الانفصال، ولكن ما نسعى إليه جميعاً هو تحقيق أقل قدر من الخسائر في علاقاتنا، فللاستمرار شروط ولإنهاء العلاقات أسباب يجب تجنبها حتى لا تتحول إلى وسائل لهدم العلاقة بشكل يستحيل معه الاستمرار، إلى اللقاء مع مقال آخر ومعلومة مفيدة جديدة.
