ما بين تحديد الإنسان لهويته وإعادة حسابات العمر تقع معظم الإنجازات بين هاتين الأزمتين، أحلام الشباب المندفعة التي تدفعنا للاستقلال وتجربة كل شيء حتى ينتهي بنا الأمر لمراجعة ما فات، والندم على دروب لم يكن من المفترض أن نسيرها، وأغلبنا يمر بالأزمتين أزمة المراهقة ومن أهم خصائصها رسم الأهداف والأحلام، وأزمة منتصف العمر وهي بمثابة إعادة النظر في آخر رمق من عمر الشباب، وحديثنا في هذا المقال على موقعنا معلومة مفيدة عن أزمة منتصف العمر عند الرجال تحديدًا.
أزمة منتصف العمر عند الرجال
يشبه البعض منتصف العمر بمن صعد سفح الجبل يرى من ورائه الماضي بوضوح، ويتطلع إلى الأمام فلا يرى إلا الخلاء؛ فلا تفاصيل واضحة ولا بإمكان نظره أن يحدد النهاية، ومن هنا يبدأ حديثنا عن أزمة منتصف العمر عند الرجال:
- تبدأ أزمة منتصف العمر عند الرجال في الغالب ما بين سن الأربعين والخمسين.
- قد تبدأ قبل ذلك أو تستمر بعد ذلك.
- كما يشير العديد من الخبراء النفسيين إلى أن أزمة منتصف العمر هي ظاهرة اجتماعية أكثر من كونها حالة عقلية.
- مشاعر مختلطة من الاكتئاب وعدم الرضا والندم تنتاب الرجل في هذه المرحلة العمرية.
- ويعد النمط الأكثر شيوعًا هو محاولة تجديد نمط الحياة.
- محاولة استعادة حيوية الشباب بقرارات تبدو طائشة في مثل هذا العمر.
- كما يمكن أن يمر البعض بحالة من الزهد والتفرغ للعبادة أو حتى التشدد الديني.
- يمكن كذلك أن ينهمك في العمل وكأنه في سباق مع الزمن.
- البعض كذلك يحاول البدء في مشاريع جديدة أو تغيير الوظيفة.
- كل هذه الأنماط السابقة هي أشكال لأزمة منتصف العمر عند الرجال.
- كما لا يتم تشخيصها على أنها اضطراب نفسي أو حالة عقلية.
- بل هي ظاهرة اجتماعية أو أزمة وقتية كالتي نمر بها في مرحلة المراهقة.
ما هي أهم أسباب أزمة منتصف العمر عند الرجال
لكل مرحلة عمرية مجموعة من الخصائص والمشكلات التي لا يمكن إغفالها أو تجاهلها، ولكن احتواء المشكلة يمكن أن يقلل من حدة التغيرات التي يمر بها الفرد في مرحلته العمرية، فجميعنا يصعد نفس الدرج ويواجه نفس التحولات المتعلقة بالعمر، ولكن للدعم أثر في تجاوزها بسلام، وفي السطور التالية نوضح أهم أسباب أزمة منتصف العمر عند الرجال:
- كثرة المشاكل المالية والديون.
- ظهور الأمراض المزمنة.
- القلق بشأن المستقبل والأبناء.
- كما يساهم الزواج غير السعيد وعدم التوافق بين الزوجين في ظهور أزمة منتصف العمر.
- انشغال الزوجة في عملها أو في شئون المنزل والأبناء وإهمال الزواج يمكن أن يفاقم من عمق المشكلة.
- يتعرض الرجال كذلك إلى تغيرات هرمونية وانخفاض مستوى التوستوستيرون يمكن أن يؤثر على الحالة النفسية والمزاجية للرجل.
- بشكل عام تبلغ الأزمات النفسية ذروتها في المرحلة ما بين الـ 25 وال 45 من العمر.
- عدم الحصول على الترقيات أو تحقيق الأهداف التي كان يرسمها.
- الموروثات الاجتماعية الخاطئة حول الشيخوخة وربط السعادة بفترة الشباب.
- انعدام لغة الحوار بين الزوجين، وفقدان الشغف في العلاقة الزوجية.
- رحيل الأبناء عن المنزل للعمل أو الدراسة أو الزواج.
- مناخ عائلي غير مستقر بوجه عام يمكن أن يزيد شعور الرجل بالرغبة في تغيير نمط حياته.
- كما يعد الندم على بعض القرارات العائلية أو الوظيفية أحد أكبر المسببات للأزمة.
ما هي أهم مظاهر المشكلة
هناك بعض المظاهر أو الأفعال التي يمكن من خلالها استنباط أن الرجل يمر بأزمة منتصف العمر؛ فهو ليس بمرض عقلي أو اضطراب نفسي له أعراض محددة بل هي أنماط سلوكية يمكن أن تعكس مرور الرجل بشيء من التخبط في القرارات وإعادة الحسابات، ومن أهم هذه المظاهر نذكر ما يلي:
- تجدر الإشارة إلى انه ليس كل رغبة في التغيير أو التجديد في مرحلة الأربعينات أو رغبة في اتخاذ قرارات جديد أو حتى الانفصال عن الشريك تعبر عن أزمة منتصف العمر.
- ولكن ترتبط الأزمة بالاكتئاب في كثير من الأحيان.
- حالة من الحزن واليأس وقلة العلاقات الاجتماعية.
- كما يمكن أن يظهر بعض الرجال تقلب المزاج والعصبية الشديدة داخل المنزل خصوصًا.
- تغير في عادات النوم (قلة أو زيادة النوم).
- التفكير الزائد ومشاعر من القلق والخوف بشأن المستقبل.
- ظهور الأعراض النفسجسمية الناجمة عن التوتر والقلق.
- تشمل الأعراض اضطرابات الجهاز الهضمي وظهور بعض الأمراض المزمنة، مثل: الضغط المرتفع وأمراض القلب.
- عدم الرغبة في المكوث في المنزل إلا قليلاً.
- طول الصمت وعدم الرغبة في التحدث.
- ارتداء ملابس تلائم من هم أصغر سنًا.
- تعدد العلاقات النسائية مع شابات صغيرات في السن.
- يمكن أن يلجأ البعض إلى تناول الكحوليات أو المخدرات.
- الإسراف في شراء أمور لا حاجة لها، مثل: كثرة شراء الملابس أو سيارة جديدة دون الحاجة إلى ذلك.
- قلة التركيز والشعور الدائم بالضغط والتوتر.
ومن النقاط السابقة يمكننا التأكيد على أن المظاهر ليست واحدة ولكنها تختلف من شخص لآخر، ولكن يمكن أن يشترك معظم الرجال في مشاعر عدم الرضا والرغبة في التمرد على شيء ما أو تغيير نمط الحياة.
أثر المشكلة على العائلة والأصدقاء والمكانة الاجتماعية
التغيرات النفسية والسلوكية والمزاجية لا تئث عليك وحدك، ولكن الأمر بالطبع يشمل كل المحيطين بك والذين يتعاملون معك ويشاركونك الحياة سواء في المنزل أو العمل، وفيما يلي نوضح كيف يمكن لأزمة منتصف أن تؤثر على المحيطين بالشخص وبالتالي مكانته الاجتماعية:
- تدمير العلاقة الزوجية بسبب المزاج السيء أو تعدد العلاقات النسائية.
- كما يمتد التأثير السلبي ليشمل الأبناء الذين يتأثرون بالأجواء المشحونة داخل المنزل.
- كما أن الأفعال المتهورة يمكن أن تؤثر على الشخص وتسلبه سمعته ومكانته فليس الجميع بإمكانه فهم ما تمر به.
- بالطبع ليس المكانة أو السمعة هي الهدف المنشود ولكن يمكن تهديد مكانتك أن يؤثر على صحتك النفسية.
- رغبتك في البقاء وحيدًا لن يتفهمه بعض الأصدقاء لذلك من الممكن أن تخسر بعضهم.
- كما أن التخبط في القرارات الخاطئة تحت تأثير نوبات المزاج السيء يمكن أن تدخلك في دوامة من المشكلات.
كيف يمكن تجاوز الأزمة
يمكننا تجاوز المشكلات التي نمر بها خلال مراحل العمر المختلفة من خلال فهم خصائص كل مرحلة عمرية، كما أن الحصول على الدعم من أهم الوسائل التي تساعدنا على تجاوز الأزمات، وبالنسبة لأزمة منتصف العمر يمكنك تجاوزها من خلال الآتي:
- استيعاب أن التقدم في العمر هي مرحلة يمر بها الجميع.
- النظر إلى أخطاء الماضي بشكل إيجابي فهي التي جعلت منك شخص أكثر حكمة وصلابة.
- حاول إشراك من تثق بهم في حل مشكلاتك.
- كما يجب عليك أن تدرس العواقب طويلة الأجل لكل قرار ستتخذه على استقرار عائلتك ووظيفتك.
- عليك كذلك أن تعلم أنك لست مراهقًا صغيرًا سيتحمل الآخرون طيش تصرفاته، فلكل خطوة ثمن.
- حاول الاستعانة بمرشد أو طبيب نفسي كي يساعدك على فهم ذاتك.
- من الرائع أن لديك عائلة قم بقضاء وقت رائع معهم.
- إذا كنت تعاني من مشكلات زوجية عليك أن تسعى إلى حلها بالحوار والاستعانة بالخبراء.
- مارس الرياضة واتبع العادات الغذائية الصحية والسليمة.
- كما عليك قضاء العطلات في الرِّحْلات الترفيهية أو التنزه.
- تعلم هِواية أو مهارة أو لغة جديدة؛ فأيًا كان عمرك لا تتوقف أبدًا عن الشغف.
- حاول أن تمارس التأمل خلال فترات يومك.
- كما عليك الاستمتاع بأدق تفاصيل الحياة مهما كان عمرك.
- العمر مجرد أرقام يمكنك البَدْء في أي لحظة تذكر ذلك دائمًا.
- لا تخلط بين أزمة منتصف العمر والقرارات التي عليك إصلاحها قبل فوات الأوان مثل عِلاقة سامة أو لا يسودها الاحترام.
- وتذكر دائمًا أن لا أحد يمكنه حل مشكلاتك سواك.
دور الأسرة والأصدقاء في الدعم وتجاوز الأزمة
لا تسير حياة الإنسان على وتيرة واحدة فجميعنا يمر بفترات صعود وهبوط، وانتصار وهزيمة، واستقامة وتخبط، ولا شك أن الدعم من المقربين يساعد على تجاوز الأزمة والذي يتمثل في الآتي:
- التجاوز عن الزلل والأخطاء وبدء صفحة جديدة باستمرار.
- الابتعاد عن الضغط والإلحاح في حالة المرور بالأزمة كما على صاحب المشكلة أن يبحث عن الحل كذلك.
- الدعم والسؤال المستمر وعرض المساعدة من قبل الأصدقاء يساعد على دعم الصحة النفسية.
- ضرورة مراعاة ما يمر به كل منَا دون إصدار أحكام مع ضرورة عدم الوقوف على الأخطاء وما يساعد على ذلك رصيد من الذكريات تحمله علاقاتنا الإنسانية والعاطفية.
أسئلة شائعة
كيف تنتهي أزمة منتصف العمر عند الرجال؟
تنتهي أزمة منتصف العمر عند الرجال عندما يبدأ في الشعور بالرضا والاستقرار، بالطبع من الصعب أن يصبح الإنسان راضيًا عن كل ما قدم ولكن يمكن النظر إلى الإخفاقات باعتبارها خبرات تستحق عناء المحاولة.
هل يمكن أن تبدأ أزمة منتصف العمر لدى الرجال في الثلاثين؟
يرى بعض خبراء علم النفس والاجتماع أن الأزمة يمكن أن تبدأ مبكرًا عن سن الأربعين، ومن المعقول أن تبدأ في نهاية الثلاثينات ففي هذه الفترة يكون الشخص قد قطع جزءًا كبيرًا من مشوار حياته.
تعرفنا في المقال السابق عن أهم ملامح أزمة منتصف العمر عند الرجال، إذا كنت تعاني منها فحاول استيعاب مشاعرك وتفهم خصائص المرحلة العمرية التي تمر بها، كما عليك أن تدرك أن التقدم في العمر لا يحول بيننا وبين تحقيق الأحلام، وأن الصياد قد يصيب هدفه بعد مئة محاولة فلا تتوقف عن الإنجاز والشغف بالحياة، إلى اللقاء مع مقال آخر على موقعنا معلومة مفيدة.