أخبرنا عن طائف طاف المشرق والمغرب؛ هكذا تحدى اليهود النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن أخبرهم بقصة موسى وفتاه والخضر فاستجابت السماء بوحي من آيات الذكر الحكيم تخبرنا من هو ذو القرنين دون إشارةً إلى اسمه أو تحديد لهويته التي اختلف المؤرخون عليها، وفي هذا المقال على موقعنا معلومة مفيدة نتناول بشيء من التفصيل أقوال المؤرخين والمفسرين حول هذا البطل الذي تشبه قصته الأساطير والحكايات الخارقة والخيالية.
من هو ذو القرنين
ورد ذكر ذو القرنين في القرآن الكريم في سورة الكهف من الآية [83 إلى 98]؛ ليخبر الله عز وجل نبيه من هو ذو القرنين ليجد جواباً شافياً للسائلين، مزيد من التوضيح في السطور التالية:
- {وَيَسْأَلونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قلْ سَأَتْلو عَلَيْكم مِّنْه ذِكْرًا} [(83): الكهف].
- يذكر بن كثير في تفسيره أن الكفار من أهل مكة ذهبوا إلى أهل الكتاب لسؤالهم كيف يمتحنون النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- كان اليهود في المدينة يمتلكون غزارة العلم بأحوال الأمم السابقة بعكس أهل مكة الذين لم يكونوا يعرفوا مبادئ القراءة والكتابة إلا قليل منهم.
- كما قال لهم أهل الكتاب سلوه عن رجل طواف الأرض، وعن فتية لا يدري ما صنعوا، وعن الروح.
- تعتبر سورة الكهف من السور القصصية التي تناولت أحداثاً تاريخية.
- كما أنها تعتبر كذلك من طوال السور التي نزلت جملة واحدة.
- قصار السور التي نزلت جملة واحدة هي: الفاتحة والقدر والفيل والماعون والكوثر والكافرون والنصر والمسد والإخلاص والفلق والناس.
- أما طوال السور فهي:الأنعام والأعراف والتوبة والكهف والفتح والصف والمرسلات.
القصة في القرآن الكريم
بدأ الرد عن السؤال بقوله تعالى” {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} [84 الكهف]، فمن هو ذو القرنين الذي ملك الأرض وذللها بين يديه:
- اختلف أهل التفسير حول ذي القرنين فمنهم من قال أنه كان نبياً ولكن الأرجح أنه كان ملكاً عادلاً.
- ولما سئل على بن أبي طالب رضي الله عنه قال:”لم يكن نبياً ولا رسولاً ولا ملكاً، ولكن كان عبداً صالحاً”.
- قال ابن كثير عنه:”والصحيح أنه كان ملكاً من الملوك العادلين”.
- وقال ابن عباس:”كان ذو القرنين ملكاً صالحاً، رضي الله عمله، وأثنى عليه في كتابه”.
- وقال الحافظ بن حجر رحمه الله:” وَقَدْ اخْتلِفَ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقِيلَ كَانَ نَبِيًّا ، وَقِيلَ : كَانَ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَة ، وقيل لَمْ يَكنْ نَبِيًّا وَلَا مَلَكًا , وَقِيلَ : كَانَ مِنْ الْملوك”.
لماذا سُمي بذي القرنين
يعرف القرن في معجم المعاني بأنه” مادة صلبة ناتئة بجوار الأذن في رؤوس البقر والغنم ونحوها” وتوجد في كل رأس قرنان غالباً، فمن هو ذو القرنين، ولماذا سمي بهذا الاسم:
- قيل إنه سمي بذي القرنين لأنه كان ملك الفرس والروم.
- كما قال وهب بن منبه:”كان له قرنان من نحاس في رأسه”.
- كما قيل كذلك لأنه بلغ مشرق ومغرب الشمس وملك الأرض بينهما.
- كذلك قيل لوجود شق في رأسه كالضربة أو ما شابه.
رحلته في القرآن الكريم
أشار المولى عز وجل إليه في كتابه الحكيم قائلاً: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} [84 الكهف]؛ تعني كلمة سبباً أي علماً، ” فَأَتْبَعَ سَبَبًا ” [85 الكهف]، أي اتبع علمه، وسلك الطرق التي توصله إلى مراده، وبعد سؤالنا من هو ذو القرنين دعونا نتتبع رحلته كما وردت في القرآن الكريم:
- {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} [(86) الكهف].
- بلغ ذي القرنين مغرب الشمس ووجد عندها قوم يقال لهم ناسك.
- كانت الشمس تغرب في عين حامية حارة.
- قيل عين سوداء طينية والأرجح أنها حارة حامية بحسب بعض القراءات.
- خير الله عز وجل ذي القرنين إما أن يقتلهم أو يأسرهم وينصحهم إذا لم يذعنوا إلى التوحيد.
- {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا} [(90)}”
- وتستمر رحلة ذي القرنين كما جاء في القرآن الكريم.
- حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم ليس بينهم وبين الشمس ستراً ولا حجاب.
- ربما لأن أرضهم لا يصلح عليها البناء.
- كان هؤلاء القوم يتنقلون في أسراب ينتظرون غروب الشمس حتى يخرجوا لقضاء حوائجهم.
- {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا} (93)”
- والسد تعني الحاجز وتعني السدين هنا الجبلين.
- وجد ذو القرنين بين هذين الجبلين قوماً لا يعرفون إلا لغتهم.
- أراد هؤلاء القوم أن يبني لهم ذو القرنين حاجزاً بينهم وبين يأجوج ومأجوج وشعبهم لقطع عبثهم وإفسادهم.
- التمس القوم فيه القوة ووجدوا منه العون.
هل ذُكر في التوراة والإنجيل
من هو ذو القرنين في التوراة والإنجيل وفي عيون المؤرخين وصفحات التاريخ، نوضح ذلك فيما يلي:
- أربعة ملوك حكموا الأرض ذكروا في القرآن الكريم اثنان منهم مؤمن وهما: سليمان وذو القرنين، واثنان منهم كافر وهما: النمرود وبختنصر.
- لم ترد الإشارة صراحة بالاسم إلا لسليمان عليه السلام.
- اختلف المؤرخون حول هوية ذي القرنين وكان الخلط بينه وبين الإسكندر الأكبر وبختنصر وإخناتون شائعاً.
- ولكن الخلط بينه وبين الاسكندر الأكبر يعد الأكثر شيوعاً وذلك لوجود سرديات في التوراة والإنجيل تتناول شخصية الاسكندر الأكبر.
- تم دحض هذه الفرضية وذلك لأن أقدم نسخ لقصة الاسكندر الأكبر لم يرد فيها أي إشارة عن سد يأجوج ومأجوج.
- جاء ذكر قصة يأجوج ومأجوج وسد ذي القرنين في سفر التكوين، وفي سفر حزقيال تم ذكرهم بتفصيل أكبر.
- وفي العهد الجديد وتحديداً في سفر الرؤيا تم ذكر قصة ذي القرنين والتي تتشابه مع القرآن الكريم.
- المصادر التاريخية حول تعيين شخصية ذي القرنين مجرد تكهنات.
- كما يقال إنه عاصر النبي إبراهيم عيه السلام وأسلم على يديه.
- ظهرت كذلك بعض الآراء التي نسبت شخصية ذي القرنين إلى الملك كورش الكبير ولم تثبت صحتها.
- وذكر ابن اسحاق إنه رجل صالح من أهل مصر يسمى”مزربان” .
- ويبقى الجدل التاريخي حول تعيين شخصية ذي القرنين قائماً ولا يوجد حقائق مؤكدة.
اختلف المؤرخون في تعيين من هو ذو القرنين؛ واستفاضت الكتب المقدسة في تتبع رحلته من مشرق الأرض إلى مغربها؛ فالأهم من تحديد هويته معرفة سمات ملكه الذي لا يقهر وكيف أقام العدل والتوحيد في الأرض، وإلى اللقاء في مقال آخر على موقعنا معلومة مفيدة.