في الحادي والعشرين من فبراير الماضي رفض بوتين الاتفاقية النووية مما جعل المجتمع الدولي يتساءل عن النوايا الروسية، وإلى أين يتجه العالم وهو مهدد بالأسلحة النووية كمن يرتقب القيامة، ويرى الكثير من المحللين السياسيين إنه لا ينبغي التقليل من حجم التهديد الروسي بعد صراعها الأخير مع أوكرانيا، وفي المقال الذي بين أيدينا نتعرف على الاتفاقية وبنودها على موقعنا معلومة مفيدة.
رفض بوتين الاتفاقية النووية
وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الثلاثاء الماضي على مشروع قانون لتعليق الاتفاقية النووية الثالثة مع الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بعد معاهدتين سابقتين ستارت 1 وستارت 2 التزم فيها كلا الجانبين ببنود، وقد جاء قرار الرئيس الروسي بناءاً على الآتي:
- بعد البيان الذي ألقاه الرئيس الروسي حول تعليق في معاهدة “نيو ستارت” صدق البرلمان الروسي على مشروع القانون الخاص ببوتن.
- أن مشروع القرار جاء بناءاً على زيارة الرئيس الأمريكي السرية لأوكرانيا.
- أشار المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة في وقت سابق أن موظفي أوكرانيا لا يتواصلون مع نظائرهم الروس واتهم الرئيس الروسي كييف بعرقلة الحوار.
- المساعدات والتسليح من الغرب لأوكرانيا كان دافعاً أساسياً لمشروع القانون.
ماهي الاتفاقية النووية أو معاهدة ستارت
نيو ستارت هي المعاهدة الجديدة بين الجانبين الروسي والأمريكي بشأن التعاهد على تخفيض الأسلحة بين الجانبين وألا تتم الزيادة إلا بمعرفة كلا الطرفين وذلك بهدف الحفاظ على الأمن القومي ولكن بعد الحرب الروسية الأوكرانية وانحياز الولايات المتحدة ضد روسيا رفض بوتين الاتفاقية النووية، ونتعرف على طبيعة الاتفاقية في السطور التالية:
- نيو ستارت أو ستارت الجديدة هي المعاهدة التي حلت محل معاهدة موسكو المقرر انتهائها في ديسمبر 2012م.
- تعد تابعة لمعاهدة ستارت 1 التي انتهت عام 2009.
- تم اقتراح معاهدة ستارت 2 ولكنها لم تدخل بعد حيز التنفيذ.
- جاري الآن التفاوض بشأن معاهدة ستارت 3 ولم يتم التوصل إلى حل بشأنها حتى اللحظة.
- تدعو المعاهدة إلى خفض منصات إطلاق الصواريخ النووية.
- وقع كلا الجانبين الروسي والأمريكي عام 2010م.
- في فبراير 2011 دخلت المعاهدة حيز التنفيذ.
- مدة المعاهدة كانت 10 سنوات قابلة للتمديد خمس إضافية.
- وافق كذلك الرئيس الأمريكي جون بايدن على المقترح الروسي بتمديد المدة وذلك عام 2012م.
- أعلن الجانب الروسي تعليق مشاركته في 21 فبرابر الماضي.
بنود معاهدة ستارت 3
- ألا تتعدى الرؤوس النووية التي تمتلكها البلدين 30%.
- خفض عدد منصات إطلاق الصواريخ بحيث لا يتجاوز 800 منصة.
- 1500 رأس نووي هي الحد المسموح بامتلاكه بحراً.
- حظر نشر أي أسلحة نووية خارج الحدود بين البلدين.
- السماح لكلا الطرفين بإجراء عمليات تفتيش سنوية للمنشآت النووية وعددها 18 عملية.
- بدء مدة التمديد خمس سنوات والمقرر انتهائها عام 2026م.
بوتين يعلق المشاركة
في خطاب استمر ساعة و45 دقيقة ظهر من خلاله رفض بوتين للاتفاقية النووية وانسحابه منها؛ وذلك للأسباب التالية:
- علق بوتين مشاركته في المعاهدة الروسية الأمريكية لنزع السلاح النووي بحجة تهديد الأمن القومي الروسي.
- اتهم بوتن كذلك خلال خطابه الغرب بمحاولة القضاء على روسيا وحمله مسئولية تأجيج الصراع الروسي الأوكراني.
- كما حاولت الخارجية الروسية التخفيف من حدة البيان مؤكدة على التزام روسيا بالحد الأقصى للرؤوس النووية المنصوص عليها.
- أكد الرئيس الروسي على استعداد روسيا لإجراء تجارب نووية في حال مبادرة الجانب الأمريكي بذلك.
- قال بوتين إن اقتصاد بلاده يقاوم العقوبات الغربية أكثر من المتوقع.
- وصف بوتين المعارضين لقراراته في البلاد بالخيانة لروسيا في محاولة للقمع والسيطرة.
- كما اتهم بوتين الولايات المتحدة وأوروبا بالفسق والاعتداء على الأطفال.
- أكد بوتين على ضرورة التزام الروسيين رغم تهديدات الناتو دون أي مراجعات.
- وصف كذلك بوتين الحملات الغربية عن إمكانية القيام بضربات استراتيجية لروسيا بالإعلانات الفارغة.
- ووصف أيضاً المجتمع الغربي بالغباء والأنانية.
- وكرر بوتين كذلك أن تعليق بلاده للمشاركة في الاتفاق ليس انسحاباً بل تعليق.
- أكد بوتن أيضاً على وحدة روسيا في مواجهة أي تحدي.
- وأكد كذلك على ثقته وشعبه في أن الحقيقة مع روسيا.
ومن ناحية آخرى:
- أكد الرئيس الأمريكي أن بلاده لن تتوقف عن دعم أوكرانيا وأن روسيا لن تكسب الحرب في أوكرانيا.
- وعد الرئيس الأمريكي بمد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة.
- بالإضافة إلى ذلك اتهم بايدن بوتين بالاستبداد والقفز على رغبة شعبه في العيش بسلام مع الجيران.
- وأكد بايدن كذلك على دعم كل من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لأوكرانيا.
- الاتحاد الأوروبي أيضاً أعلن دعمه للجانب الأوكراني وتعهد بإمداده بمزيد من الأسلحة والذخيرة من خلال مخزوناتها.
- أعرب الغرب كذلك عن مخاوفهم بشأن إمداد بكين موسكو بالأسلحة وهو الأمر الذي نفته بكين ودعت إلى تعزيز الحوار.
معاهدة ستارت 1 لخفض الأسلحة النووية
أعلن الرئيس بوتن أن بلاده لن تنسحب من الاتفاقية، ولكنه علق مشاركة بلاده حفاظاً على الأمن القومي الذي دفع إلى رفض بوتن الاتفاقية النووية، وعن بنود الاتفاقية الأولى نذكر ما يلي:
- تمت هذه المعاهدة الثنائية عام 1991م بين كل من الولايات المتحدة وروسيا.
- دخلت المعاهدة حيز التنفيذ عام 1994م بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وكان من نتائجها تخفيض عدد الأسلحة النووية.
- تعتبر من أنجح الاتفاقيات منذ دخولها حيز التفعيل عام 2001م حيث أسفرت عن الحد من الأسلحة النووية بنسبة 80% إلى أن تم وقفها عام 2009م.
- بدأت المفاوضات بشأنها عام 1982م عندما اقترح الرئيس الأمريكي رونالد ريغان الحد من الأسلحة النووية.
- ثم انسحب الكرملين من الاتفاقية عندما نشرت الولايات المتحدة في أوروبا صواريخ متوسطة المدى.
- من ثم تم استئناف المفاوضات وتوقيع اتفاقية أخرى عام 1985م وهي معاهدة القوات النووية متوسطة المدى.
- انهيار الاتحاد السوفيتي أخر دخول المعاهدة حيز التنفيذ حتى عام 1991م.
- وقعت الدول التي تفككت اتفاق لشبونة مما جعلها طرف في الاتفاقية وتم الالتزام بالاتفاقية من جميع الأطرافح تى عام 1994م.
- اشتملت عملية نزع السلاح على ثلاث مراحل أساسية.
- تشمل كل مرحلة التقليل ببطء من كمية الأسلحة والرؤوس النووية والحربية والصواريخ وأهمها الصواريخ الباليستية.
تم التنفيذ الكامل للاتفاقية عام 2001 وتم تحديد كميات الأسلحة المسموح بها كالتالي:
- 1600 صاروخ باليستي عابر للقارات.
- 154 صاروخاً باليستي ثقيل عابر للقارات.
- 6000 رأس نووي وصواريخ عابرة للقارات.
- 4900 صاروخ باليستي عابر للقارات.
- 1540 صاروخاً باليستي ثقيل من الصواريخ العابرة للقارات.
- 1100 صاروخ باليستي عابر للقارات.
كذلك تم حظر:
- بناء صواريخ باليستيه جديدة ثقيلة أو عابرة للقارات.
- حظر زيادة عدد الرؤوس الحربية المخصصة لتجربة الصواريخ.
- ألا يزيد عدد الرؤوس الحربية للصواريخ الباليستية عن 10 رؤوس.
معاهدة ستارت 2 لخفض الأسلحة النووية
رغبة الثنائي الأمريكي والروسي في الالتزام ببنود الاتفاقية الأولى دفعت إلى تجديد المواثيق عام 1993م فكانت معاهدة ستارت 2 بين الطرفين، وتنص على الآتي:
- وقع الرئيسان الروسي والأمريكي على المعاهدة في 3 يناير عام 1993م.
- تقليل عدد الصواريخ الباليستية وكذلك القاذفات الثقيلة.
- تقليل الرؤوس الحريبة إلى 5000 رأس حربي بالإضافة إلى تقليل 9000 رأس حربي التي تم الاتفاق عليها في ستارت 1.
- بحلول 4 ديسمبر 2001 ينبغي ألا تتجاوز الرؤوس الحربية للطرفين 4250 رأس.
- يشمل التخفيض كلاً من الصواريخ الباليستية، والرؤوس الحربية.
- 1200 رأس حربي للصواريخ هو الحد الأقصى المسموح به.
- 2160 رأس حربي للصواريخ عابرة القارات كحد أقصى.
- لا يجوز امتلاك أكثر من 650 من الصواريخ الباليستية الثقيلة العابرة للقارات.
- ألا تتجاوز الرؤوس الحربية 3500 بحلول 31 ديسمبر 2001.
- وفي نهاية المرحلة ينبغي أن يتم حظرها بالكامل.
- لا يجوز أن يكون هناك أكثر من 1750 رأس حربي للصواريخ الباليستية.
- انسحبت روسيا من المعاهدة في 14 يونيو 2002م.
بداية امتلاك روسيا للأسلحة النووية
الخيانة وتسريب المعلومات قد يؤدي إلى اجترار أزمات ومشاكل لا تنتهي وبخاصة تلك التي تتعلق بأسرار الحروب، وفيما يلي نستعرض بعض النقاط التي توضح بداية امتلاك روسيا للأسلحة النووية:
- كانت البداية على يد الجاسوس الألماني كلاوس فوكس وهو عالم في الفيزياء النظرية.
- قام فوكس بتسريب المعلومات أثناء الحرب العالمية الثانية من مشروع منهاتن الأمريكي والبريطاني إلى الاتحاد السوفيتي.
- كان الفيزيائي فوكس مسئولاً عن الحسابات النظرية المتعلقة بالتجارب الأولية للأسلحة النووية والقنبلة الهيدروجينية.
- بعد افتضاح أمره قضى تسع سنوات في السجن في المملكة المتحدة ثم هاجر بعد ذلك إلى ألمانيا الشرقية.
روسيا تردع الغرب
جاء تعليق بوتن مشاركته في نيو ستارت بعد الزيارة السرية من الرئيس الأمريكي لأوكرانيا والتي استمرت 10 ساعات، حيث اعتبر بوتن أن الدفاع عن روسيا مسئولية قومية، وفي النقاط الآتية نوضح ما يلي:
- اعتبر بوتن أن الانسحاب بمثابة ردع للغرب والولايات المتحدة لدعمهم المستمر لأوكرانيا بالأسلحة.
- تتزايد كذلك المخاوف الغربية من إمكانية استخدام روسيا بالفعل للسلاح النووي.
- وقف روسيا للمشاركة يعني إمكانية التصادم النووي ووقف عمليات التفتيش المتبادل.
- كما طالب بوتين بانضمام حلف الناتو إلى المعاهدة.
- مبادرة صينية تلوح في الأفق لتسوية الخلاف.
رفض بوتين الاتفاقية النووية يضع العالم وسط مخاوف من الانزلاق في حرب نووية تمتد آثارها لسنوات حيث بإمكان قنبلة نووية واحدة أن تدمر مدينة بأكملها وتحصد عشرات الآلاف من الأرواح فضلاً عن التشوهات الجينية والعاهات والأمراض من جراء آثارها الفتاكة ويأمل العالم في الوصول إلى تسوية سلمية بعيدة عن ويلات الحروب، وفي المقال السابق على موقعنا معلومة مفيدة استعرضنا آخر تطورات الموقف الروسي من الاتفاقية النووية.