شهر شعبان شهر الطاعات؛ تحولت فيه القلبة من بيت المقدس إلى الكعبة؛ ويليه شهر رمضان المبارك؛ فيه ترفع الأعمال للمولى عز وجل؛ والسبب في تسميته بهذا الاسم أن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه؛ وهو من الشهور المحببة للمسلمين ففيه تُغفر الذنوب؛ ولليلة النصف من شعبان فضل عظيم؛ وقد كان هذا الشهر من احب شهور الصيام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وليستوفي الحديث حقه عن هذا الشهر الفضيل خصصنا مقالنا التالي في معلومة مفيدة لتوضيح فضل شهر شعبان.
فضل شهر شعبان
في شهر شعبان ترفع الأعمال إلى الله؛ والمسلمون إذا دخل هذا الشهر يكثرون من قراءة القرآن؛ والصلاة؛ لما فيه من فضل نذكره لكم عبر الأسطر التالية:
- شعبان شهر المغفرة ففيه يغفر المولى عز وجل لمن يشاء من عباده.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام في هذا الشهر حيث قالت عائشة رضي الله عنها:
- {لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ}.
- ورد عن أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:
- {يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ وصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وهو أعْلَمُ بهِمْ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ}.
- جاء في الحديث عن السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبي ﷺ كان يصوم شعبان كله حيث قالت:
- {قلت يا رسول الله أحب الشهور إليك أن تصومه شعبان؟ قال: “إن الله يكتب فيه على كل نفس ميتة تلك السنة، فأحب أن يأتيني أجلى وأنا صائم}.
- في هذا الشهر تحولت القبلة ونزل قول الله تعالى: {قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} [سورة البقرة: (144)].
- في هذا الشهر ترفع الأعمال للمولى عز وجل: فعن أسامة بن زيد قال: {يا رسولَ اللَّهِ ! لم ارك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ ؟ ! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ}.
فضل ليلة النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان واحدة من الليالي المباركة التي تمتلك مكانة خاصة في قلوب المسلمين؛ ومن أفضال هذه الليلة:
- ليلة النصف من شعبان هي ليلة المغفرة فقد قال فيها رسول الله ﷺ :
- {إِنَّ اللَه تَعَالَى لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ}.
- في ليلة النصف من شعبان تُرفع الأعمال للمولى عز وجل فيغفر الذنوب لمن يشاء.
- على المسلم أن يجتهد في هذه الليلة لبلوغ الأجر من خلال الطاعة والأعمال الصالحة كالصلاة والذكر والقيام والاستغفار.
شهر شعبان في القران
لم يرد ذكر شهر شعبان في آيات القرآن الكريم وإنما ورد في السنة النبوية المطهرة في عدة مواضع
- تسمية شعبان بـ (شهر القراء)؛ نسبة إلى حرص المسلمين وبعض السلف على قراءة القرآن استعداداً لشهر رمضان المبارك.
- قراءة القرآن مطلوبة في كل زمان؛ وقد روي عن عبد الله بن مسعود – رضى الله عنه – أنه قال:
- {من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ {ألم} حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ}.
الصيام في شعبان
في سياق حديثنا اليوم بحث الكثير من المسلمين عن حكم الصيام في شهر شعبان وهو ما سنوضحه لكم عبر الأسطر التالية:
- الصيام في شهر شعبان مستحب لما في ذلك من اقتداءً بالنبي؛ وإسناد ذلك ورد في السنة النبوية المطهرة فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ:
- {كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إلَّا رَمَضَانَ، وما رَأَيْتُهُ أكْثَرَ صِيَامًا منه في شَعْبَانَ}.
- وفي رواية لأبي داود قال: كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان.
- منزلة الصيام في هذا الشهر بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده،
- فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه.
- يظن الكثير من الناس أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب من الأشهر الحرم؛ لكن الحقيقة ليست كذلك فالأصوب الامتثال بالنبي ﷺ فيما كان يفعل
- قد قالت عائشة رضي الله عنها عن:
- أن النبي ﷺ:{كانَ يَصومُ حتَّى نَقولَ قَد صامَ ويُفطِرُ حتَّى نَقولَ قد أفطَرَ ولم أرَهُ صامَ مِن شَهْرٍ قطُّ أَكْثرَ مِن صيامِهِ من شعبانَ كانَ يَصومُ شَعبانَ كُلَّهُ كانَ يَصومُ شعبانَ إلَّا قَليلًا}
الصيام وأحواله في آخر شعبان
بعد أن تعرفنا على حكم الصيام في شهر شعبان ننتقل معكم لتوضيح حكم الصيام وأحواله في أواخر الشهر وقبل بداية رمضان:
- صيام آخر يوم أو يومان من شهر شعبان منهي عنه ودليل هذا ورد في السنة النبوية المطهرة:
- فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَليَصُمْهُ}.
- في هذا القول نهي عن استقبال شهر رمضان بصيام يوم أو يومين إلا إذا صادفت عادة
- هذا بالضرورة ينقلنا لتوضيح الحالات التي يشرع فيها صيام آخر شعبان:
- أن يصام بنية النذر أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة ونحو ذلك.
- أن يكون الصيام مصادفاً لعادة أو الوصل بما قبله.
- هذا بالضرورة ينقلنا لتوضيح الحالات التي يشرع فيها صيام آخر شعبان:
إذا لم يندرج الصيام تحت هذه الأحوال فلا يشرع ذلك؛ وإليكم التفاصيل:
- أن يصام بنية التطوع المطلق، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر.
- أن يصومه بنية الرمضانية احتياطاً لرمضان؛ فهذا منهي عنه.
لماذا يكره الصيام قبل رمضان مباشرة
نذكر لكم السبب في كون صيام الأيام الأواخر من شهر شعبان مكروه:
- أولاً : نهي عن الصيام في بضعة حالات:
- نهي عن صيام يوم العيد؛ وفي غضون ذلك نهي عن يوم الشك ومعناه أنه اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا؛ فقال عمار؛ من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
- ثانياً : الفصل بين صيام الفرض والنفل:
- جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع، ولهذا حرم صيام يوم العيد،
- نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام.
أسباب كثرة صيام الرسول صلى الله عليه وسلم في شعبان
اختلف أهل العلم في أسباب كثرة صيام الرسول -صلى الله عليه وسلم – في شعبان على عدة أقوال؛ سنتعرف عليها :
- أنه كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان،
- وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل بنافلة أثبتها وإذا فاتته قضاها.
- الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصيام في شعبان استعداداً لشهر رمضان.
- وقيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم لذلك،
- عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت:
- {صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر}.
- وقيل لأنه شهر يغفل الناس عنه: وهذا هو الأرجح لحديث أسامة السالف الذكر والذي فيه:
- “ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان”.
وصايا شهر شعبان
على المسلم أن يعمل على الفوز بمغفرة المولى عز وجل في هذا الشهر الفضيل؛ ومن توصيات شهر شعبان:
- سؤال المولى عز وجل بأن يبلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين.
- الإكثار من الأعمال الصالحة للفوز بمغفرة من المولى عز وجل.
- التوبة النصوحة لعل الله يرضى ويتجاوز عن السيئات؛ ففي هذا امتثال لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم:٨].
- الحرص على أداء الصلوات الخمس في مواقيتها والأفضل أن تكون الصلاة في جماعة.
- المحافظة على السنن الرواتب لما فيها من فضل؛ فالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم خير ما يفعل المسلم.
- الصيام كذلك من الأعمال المستحبة في هذا الشهر؛ كصيام الاثنين والخميس من كل أسبوع أو صيام الرابع والخامس والسادس عشر.
- تلاوة آيات القرآن الكريم استعداداً لشهر رمضان {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [سورة الإسراء: (9)].
- قراءة الأذكار الراتبة سواء الصباح أو المساء أو أذكار النوم؛ أو التي شرعها المولى عز وجل للمسلمين.
- إعادة الحقوق لأصحابها؛ وسداد الدين إذا أمكن؛ والصفح الجميل.
في الختام من مقالنا من معلومة مفيدة تعرفنا على فضل شهر شعبان؛ فانه يستحب في هذا الشهر كثرة الصيام للاستعداد لشهر رمضان؛ وفي النهاية نود أن نذكركم أن العبرة بحسن العمل وليس بكثرته؛ وقد حثنا المولى عز وجل على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما كان يفعل حيث قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].