نظرية المؤامرة والحديث عن افتعال الكوارث الطبيعية ليس الأول من نوعه بعد زلزال تركيا وسوريا المدمر، ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية وبعد كارثة هيروشيما وناجازاكي وما أعقبهما من هزات أرضية تم تبادل الاتهامات حول إمكانية افتعال الزلازل والكوارث الطبيعية، وكثيراً ما صوبت أصابع الاتهام تجاه مشروع هارب الأمريكي، نجيب في هذا المقال على موقعنا معلومة مفيدة على سؤال تبادر إلى الأذهان في الأحداث الأخيرة؛ هل الزلازل مفتعلة ؟
هل الزلازل مفتعلة
تداول الكثيرون شائعات حول الزلازل الأخيرة في سوريا وتركيا، وفي عالم التكنولوجيا الهائلة والتقدم العلمي الهائل صار كل شيء ممكن، وفي السطور التالية نلقي نظره على مشروع هارب (HAARP) المتهم بافتعال الزلازل:
- هو اختصار High Frequency Active auroral Research Program وتعني برنامج الشفق القطبي عالي التردد.
- بدأ العمل في المشروع عام 1993م وفي عام 2007م تم الانتهاء من إنشاء آليات البحث الأيوني.
- كما تم تمويل المشروع عن طريق القوات البحرية والجوية الأمريكية.
- التمويل العسكري للمشروع يعزز الشكوك حوله، ويجعل الحديث حول نية استخدامه في أهداف سياسية وعسكرية محلاً لإلقاء التهم وتبادل نظريات المؤامرة.
- يهدف المشروع إلى دراسة طبقة الأيونوسفير وتفاعلات موجات الراديو التي تؤثر على أنواع الاتصالات المختلفة.
- تم تطوير منشأة حديثة للمشروع تقع في جاكونا ألاسكا.
- يوجد من هذه الشبكة 20 محطة في الأرض لدراسة الغلاف الجوي وطبقاته.
- تحتوي كذلك على 180 هوائياً تنبعث منها موجات عالية التردد تصل إلى الغلاف الجوي الأيوني لدراسة التفاعلات في هذه المنطقة من الغلاف الجوي.
- كما تعمل هذه الهوائيات معاً كوحدة واحدة بإرسال تريليون من موجات الراديو عالية التردد التي تسبب انعكاسا يسمح بدراسة كافة التفاعلات في طبقة الأيونوسفير.
- من خلال تنشيط وتسخين المجال الأيوني لفترة مؤقتة تتم دراسة التفاعلات في طبقة الأيونوسفسر.
- الهدف الرئيسي من المشروع الذي تم تطويره من خلال شركة BAEAT هو تطوير الاتصالات اللاسلكية وأنظمة الرادار.
- يرتبط كثيراً بنظرية المؤامرة ويتم تداول الإشاعات حول مسئوليته عن الكثير من الكوارث الطبيعية.
مشروع هارب وزلزال تركيا وسوريا
هل الزلازل مفتعلة وبخاصة بعد الأحداث السياسية الأخيرة وتوتر العلاقات بين أمريكا وتركيا، تسلط السطور القادمة الضوء على إجابة هذا السؤال:
- بسبب العمليات العسكرية التي تشنها أنقرة على الشمال السوري ووقوفها إلى جانب العصابات المسلحة في سوريا أثار ذلك الحديث حول إمكانية أن يكون عملاً انتقامياً من الولايات المتحدة تجاه تركيا.
- رفضت كذلك تركيا انضمام السويد إلى حلف الناتو مما جعل الزلزال أشبه بعملية عسكرية في عقول مروجي نظرية المؤامرة.
- الصواعق التي ظهرت في سماء تركيا قبل حدوث الزلزال شجعت الكثيرين من تداول الحديث حول نظرية المؤامرة.
- موجات الراديو عالية التردد التي تطلقها الهوائيات في مشروع هارب تخترق 1 سم فقط من الأرض في حين كان زلزال تركيا في عمق 17 كم تقريباً.
- الغموض والسرية والطبيعة العسكرية للمشروع يعزز نظرية المؤامرة قي أذهان المروجين لها.
- تم اتهام المشروع من قبل بعض الرؤساء مثل محمود أحمدي نجاد رئيس إيران السابق وكذلك رئيس فنزويلا هوجو تشافيز.
- كان اتهام الرئيس الإيراني للمشروع بإرسال موجات كهرومغناطيسية تعمل على إثارة الفيضانات في باكستان.
- كذلك تم اتهام المشروع بعد زلزال هاييتي وتشيلي 2010م، وتسونامي 2011م.
- أكد أستاذ الجيولوجيا والبيئة والتغيرات المناخية العماني أحمد ملاب إنه من الصعب التلاعب بالجاذبية الأرضية إلى درجة سحب صفيحة أو أي أمور أخرى.
الزلازل بعد مأساة هيروشيما وناجازاكي
بدأ النووي في الحرب العالمية الثانية، وبعد تفجير القنبلة الذرية في هيروشيما وناجازاكي حدثت مجموعة من الزلازل فتبادر السؤال إلى الأذهان هل الزلازل مفتعلة، نلقي الضوء على هذا الموضوع في السطور التالية:
- تحديداً في صحراء ألاموغوردو، بنيومكسيكو حينما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإطلاق أولى تجاربها النووية في مشروع منهاتن؛ وذلك في 16 يوليو عام 1945م.
- جاء بعد ذلك القصف الذري لهيروشيما وناجازاكي في أغسطس عام 1945م.
- بعد حدوث التفجير شهدت اليابان مجموعة من الهزات الأرضية العنيفة.
- أرجع الجيولوجيون وقتها أمر الزلازل إلى بعض الأنشطة البشرية.
- يمكن أن تؤدي بعض هذه الأنشطة كأعمال الحفر وبناء السدود وكذلك التفجيرات النووية إلى بعض التغيرات في القشرة الأرضية التي يمكن أن تسهم في حدوث الزلازل وإن لم تكن سبباً مباشراً في حدوثها.
هل يمكن أن يصنع الإنسان الزلازل
على الرغم من وجود مناطق نشطة وأخرى غير نشطة للزلازل إلى أن التغيرات الجيولوجية المستمرة للقشرة الأرضية تؤدي إلى عدم وجود منطقة بمنأى تماماً عن حدوث الزلازل، وفيما يلي نستعرض كيف من الممكن أن يكون النشاط الإنساني أحد مسببات الزلازل:
- تبدو القشرة الأرضية صلبة ولكنها في حركة مستمرة.
- التغيرات التي تحدث في القشرة الأرضية يمكن أن تؤدي إلى صدوع تتسبب في الزلازل على مدى قرون.
- الحمل الذي تسببه خزانات السدود مثلاً يمكن أن يؤدي إلى نشاط زلزالي.
- تسمي الزلازل الناجمة عن النشاط الإنساني بالزلازل المستحثة.
- وزن الماء وزيادة الضغط يمكن أن ينجم عنه تغيرات في القشرة الأرضية مما يسبب النشاط الزلزالي.
- ومن المعروف كذلك أن المياه الجوفية قد تكون أحد الأسباب.
- تقلل المياه الجوفية من قوة الصخور تحت الخزان مما يسهم في انبعاث الطاقة الطبيعية من الأرض قبل أوانها.
- أرجع العلماء الزلزال الذي حدث في الصين في مايو 2008م والذي بلغت قوته 7.9 ريختر وأودى بحياة 80 ألف شخص إلى بناء خزان زيبيفجبو.
- عندما يزداد ضغط الماء على الصخور فإنه يعمل على تليين الصدوع وانبعاث الطاقة الكامنة في الأرض.
- كما يعد عمق الخزان العامل الأكثر تأثيراً ولكن ضغط المياه يؤثر أيضاً بشكل كبير.
- يمكن ملاحظة الزلازل الناجمة عن السدود أثناء ملء الخزان أو بعده مباشرة ولكن لا يمكن التنبؤ بالتوقيت الدقيق لحدوث الزلزال.
- تحدث الكثير من عمليات بناء السدود على المناطق النشطة زلزالياً بشكل يستدعي التوقف الفوري عن هذه الأنشطة.
- من مناطق الزلازل المستحثة كذلك في مصر منطقة خزان أسوان والسد العالي وذلك بسبب ضغط المياه المحيطة ولكن لا تزال فرص حدوث الزلازل ضعيفة.
الزلازل المستحثة من أعمال الحفر في ألمانيا
في دراسة في ألمانيا لتتبع أثر عمليات التعدين والحفر على إحداث الزلازل المستحثة؛ نذكر ما يلي:
- عمليات التعدين واستخراج الموارد الطبيعية مثل: النفط والغاز الطبيعي وأعمال الحفر أثناء ذلك يمكن أن تسهم في نشاط زلزالي.
- كذلك فإنه من الممكن اكتشاف الزلازل المستحثة من خلال العلاقة الزمانية والمكانية بين الأنشطة البشرية وحدوث الزلزال.
- قامت بعض الدراسات في ألمانيا أثناء برنامج الحفر العميق البالغ طوله 9 كيلو متر.
- كما لوحظ أيضاً أن معظم الزلازل المستحثة في ألمانيا هي بسبب عمليات التعدين عن الفحم والملح.
- وفي سد كوينا الواقع غرب الهند حدث أكبر زلزال مستحث تمت ملاحظته وبلغت قوته 6.5 ريختر ولقى على أثره حوالي 200 شخص مصرعهم.
أسباب نظرية المؤامرة
نظرية المؤامرة أو ما يعرف Conspiracy Theory الذي ظهر استخدامه أول مرة عام 1920م في مقالة اقتصادية، وتم تداوله عام 1960م، ثم أضيف إلى قاموس أكسفورد عام 1997م، هي ما دعت لطرح سؤال هل الزلازل مفتعلة ؟؛ وفي السطور التالية نتطرق إلى بعض الأبعاد النفسية والاجتماعية لنظرية المؤامرة:
- تأتي كلمة مؤامرة لغةً من المصدر أمر وتعني مكيدة للقيام بعمل معاد
- تعني أيضاً المؤامرة كل تصميم بين شخصين أو أكثر لارتكاب فعل إجرامي.
- يتم بناء نظرية المؤامرة في الغالب على أسباب غير علمية.
- تهدف تلك النظرية في الأساس إلى النيل من سمعة الخصم أو شيطنته.
- إذا ًفنظرية المؤامرة تقوم على اتهام لا دليل له.
- تعتمد كذلك على ثلاث مبادئ:
- أن لا شيء في العالم يحدث بالصدفة.
- لا تبدو الأمور كما هي عليه في الظاهر.
- كل شيء مرتبط ببعضه البعض بعلاقة سببية.
- نظرية المؤامرة إذاً مسألة إيمان بلا دليل وحقائق.
- تسببت هذه الظاهرة في تداول الكثير من الشائعات والأكاذيب.
في المقال السابق تمت الإجابة عن السؤال الأكثر حضوراً على الساحة هل الزلازل مفتعلة ؟ وبالطبع لا تزال القدرة الإنسانية أضعف من التحكم في الظواهر الطبيعية، ولكن العديد من الأنشطة ساهمت بقدر كبير في اختلال التوازن البيئي ووقفت في عداء مع الطبيعة التي صرخت في وجه الإنسان احتجاجاً على ما يلحقه من تلوث وأضرار ،وإلى اللقاء مع مقال آخر على موقعنا معلومة مفيدة.