الاضطرابات النفسية ما بين الاكتتئاب الشديد والابتهاج المفرط؛ حالة التهور الموجودة في الحالتين لا تسبب المعاناة الوجدانية للشخص وحده ولكنها تعاسة وقلق وارتباك لكل من حوله، ينتاب الأهل والأصدقاء نفس السؤال كل يوم أي شخص منهما سنواجه اليوم المنهزم العصبي أم المبتهج المسرف في نفقاته بلا حساب، وفي المقال التالي نطرح سؤالاً ما هو مرض بايبولار ؟ ماهي أعراضه ؟ وماهي الاضطرابات المتفرعة منه؟ وما هي طريقة علاجه على موقعنا معلومة مفيدة.
ماهو مرض بايبولار
مرض بايبولار هو اضطراب ثنائي القطب أو Bibolar Disorder ، تم فصله في الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس عن الاضطرابات الاكتئابية وكان يعرف سابقاً بالهوس الاكتئابي؛ تم وضعه في فصول طيف الذهان والاضطرابات الذهانية الأخرى، وهناك نوعان من الاضطراب ثنائي القطب؛ وهما:
- الاضطراب ثنائي القطب من النوع الأول: وهو الهوس الاكتئابي الكلاسيكي؛ ويكون التشخيص من خلال إصابة المريض بنوبة هوس واحدة على الأقل، يسبقها أو يليها نوبات هوس خفيفة مع نوبات اكتئاب شديدة؛ وقد يؤدي إلى انفصال المريض عن الواقع (الذهان).
- الاضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني: دورات متكررة أكثر من النوع الأول، يتم تشخيصه من خلال التعرض لنوبة واحدة من الاكتئاب الشديد ونوبة من الهوس الخفيف؛ ولم يعد ينظر إليه بأنه أقل خطورة من النوع الأول نظراً لطول فترة المرض وتكرار التعرض للنوبات وانخفاض الطاقة والقدرة على العمل وتضرر العلاقات الاجتماعية.
سبب الإصابة بمرض بايبولار
تعتبر الاضطرابات النفسية والعقلية بشكل عام مزيج ما بين عوامل البيئة والتنشئة وعوامل الجينات والوراثة؛ فلكل منهما نسبة من التأثير وكلاهما يتدخل بشكل مباشر في أسباب الإصابة بالمرض ومن هذه الاضطرابات اضطراب ثنائي القطب؛ أو ما يعرف بمرض بايبولار ومن أسباب الإصابة به ما يلي:
- يعد خلل التوازن الكيميائي في الدماغ عاملاً رئيسياً للإصابة بالمرض، المواد الكيميائية في الدماغ تسمى الناقلات العصبية وهي مواد تسهل التواصل بين خلايا الدماغ وأي زيادة أو نقصان في هذه المواد يسبب خللاً في الصحة العقلية، ومن أمثلتها: النوريبينيفيرين والسيروتونين والدوبامين.
- يعتبر العامل الوراثي أيضاً سبب رئيسي للإصابة بالمرض.
- كذلك قد تكون الإصابة مرتبطة بالتعرض للضغوط اليومية.
- الإصابة بالإجهاد النفسي نتيجة التعرض للصدمات الحياتية المختلفة مع الاستعداد الجيني والوراثي للإصابة بالاضطراب.
- اضطرابات النوم أيضاً يعد أحد الأسباب.
أعراض النوع الأول من مرض بايبولار
تذبذب المزاج ما بين الاكتئاب الحاد والهوس أو الابتهاج المفرط والنشاط الزائد هو أهم مايميز اضطراب ثنائي القطب (bibolar disorder )؛ ولكن علينا التمييز بين النوع الأول والنوع الثاني من الاضطراب من حيث شدة الأعراض وتكرارها، وفيما يلي أهم أعراض اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول:
نوبة الهوس تسبقها أو تليها نوبة هوس خفيفة أو نوبات اكتئاب شديدة، ومن أهم أعراض نوبة الهوس مايلي:
- حالة من المزاج المرتفع والنشاط الزائد وتستمر معظم اليوم وكل يوم ولمدة أسبوع واحد على الأقل.
- تضخم في تقدير الذات مع الإحساس بالعظمة.
- قلة ساعات النوم مع شعور المريض بعدم الحاجة إلى النوم، فتكون ثلاث ساعات كافية.
- الثرثرة أكثر من اللازم مع محاولة فرض الثرثرة كذلك من أبرز الأعراض.
- تشتت الأفكار أو تسابق الأفكار في ذهن المريض.
- حالة من التهور وممارسة أنشطة تنطوي على عواقب وخيمة؛ مثل:
- الطيش الجنسي، التبذير أثناء التسوق، الدخول في المقامرة وغيرها.
- الاضطراب المزاجي الملحوظ مما يؤثر على العلاقات الاجتماعية والأداء اليومي بشكل عام.
- التأثيرات الفسيولوجية لا تسبب الاضطراب، فلا يمكن أن تسبب العقاقير الاضطراب فهو لا يظهر كأحد الآثار الجانبية.
ومن أهم أعراض نوبة الاكتئاب الشديدة:
تستمر لمدة أسبوعين متتاليين بعد نوبة الهوس، وتتميز بانقلاب إلى النقيض حيث تكون مصحوبة بالحزن واليأس، وتتضمن عرض أو اثنين من الأعراض التالية:
- يبدو معظم أو كل اليوم بمزاج مكتئب، يلاحظ عليه الآخرون حالة من الحزن الشديد أو اليأس والحساسية للنقد.
- تظهر العلامات لدى الأطفال والمراهقين في شكل سرعة انفعال.
- حالة من فقدان المتعة والاهتمام والشغف مع عدم الاهتمام بالأنشطة اليومية.
- الشعور بحالة من فقدان القيمة أو الشعور بالذنب.
- التفكير في الموت وكذلك الأفكار الانتحارية.
- الأعراض السريرية تسبب ضعف العلاقات الاجتماعية وتؤثر على الحياة اليومية.
- حالة من الأرق أو النوم لساعات طويلة.
- كذلك ضعف التركيز والقدرة على التفكير.
تشخيص البايبولار من النوع الأول
يمكن تشخيص مرض البايبولار من خلال الأعراض التي تظهر خلال اليوم، وكذلك شدة النوبات ومدتها وتكرارها، وفيما يلي أهم الأعراض البارزة التي تساعد في التشخيص:
- نوبة الهوس التي يميزها المزاج المرتفع والأفعال المتهورة كسهولة التعرف على الغرباء في الشارع، السلوك الجنسي المتهور، سرعة الانفعال، الشعور بالنشوة أو كأنه على قمة العالم لا سيما إذا كان المريض يتعاطى المخدرات.
- استمرار نوبة الهوس لمدة أسبوع على الأقل.
- يدفع المريض التهور إلى البدء في مشاريع جديدة لا يعلم عنها شيء (حالة من التهور).
- مبالغة في تقدير الذات مصحوبة بالتوهم كالاعتقاد بأنه روائي أو مخترع.
- اضطرابات النوم المتمثلة في الشعور بالأرق رغم الإرهاق أو الاستيقاظ لأيام دون الشعور بالتعب.
- الرغبة الملحة في الثرثرة؛ تتميز تلك الحالة بالسرعة والتلاحق والصخب وعدم القدرة على المقاطعة.
- هروب الأفكار بسبب التدفق المتلاحق والمستمر.
- النشاط الزائد تجاه الأهداف (حماس زائد).
- ضعف في الوظائف الاجتماعية والمهنية والحياة اليومية.
- نوبات الهوس الناتجة عن التأثيرات الفسيولوجية للعقاقير لا يتم تصنيفها على أنها اضطراب ثنائي القطب.
- لا يدرك المرضى أثناء نوبة الهوس أنهم بحاجة إلى العلاج.
- كما قد يصبح المريض عدائياً وقد تظهر عليه بعض السلوكيات المضادة للمجتمع.
سبب الإصابة بالبايبولار من النوع الثاني
تتضافر مجموعة من الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية المسببة لأي مرض نفسي أو عضوي ومن أهم هذه العوامل المسببة لاضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني:
- العوامل الجينية والوراثية تلعب دورا هاماً كمسبب للمرض بصورة أكبر من النوع الأول.
- الأزمات والأحداث الشديدة تزيد حدة النوبات وتكرارها.
- ارتفاع مستوى هرمون الغدة الدرقية وتعاطي المخدرات يمكن أن يحفز النوبات.
أعراض النوع الثاني من مرض بايبولار
ويسمى طيف ثنائي القطب، ويتميز بعدم حدوث نوبة هوس كاملة للمريض حيث تكفي نوبة هوس واحدة خفيفه؛ ونوبة اكتئاب شديدة للتشخيص بالنوع الثاني، وأهم أعراضه ما يلي:
حالة الهوس الخفيف
وتتسم بالآتي:
- المزاج المرتفع والنشاط الزائد ويستمر أربع أيام متتالية على الأقل.
- تضخم في تقدير الذات.
- قلة النوم حيث يحتاج المريض إلى ثلاث ساعات فقط دون الشعور بالتعب.
- تشتت الانتباه وازدحام الأفكار.
- الانخراط في الأنشطة المتهورة كالقمار والمخدرات.
- اضطراب المزاج يكون ملحوظاً من قبل الآخرين ولكنه لا يؤدي إلى تعطل ملحوظ في الأداء الاجتماعي أو المهني ولا يحتاج المريض الدخول إلى المستشفي.
حالة الاكتئاب الكبرى
وتتسم بالآتي:
- اكتئاب المزاج والشعور بالحزن.
- فقدان الاهتمام والمتعة طوال اليوم.
- الشعور بالذنب وانعدام القيمة.
وهي تشبه نوبة الاكتئاب الكبرى في الاضطراب ثنائي القطب من النوع الأول.
تشخيص البايبولار من النوع الثاني
يمكن أن تتشابه أعراض الاضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني وتتداخل مع اضطرابات أخرى ولكن أهم ما يميزها مرض بايبولار من النوع الثاني ما يلي:
- نوبات اكتئاب شديدة ومتكررة وتستمر لمدة أسبوعين متتاليين ونوبة هوس خفيفة واحدة تستمر لأربعة أيام فقط.
- معايير التشخيص السليمة تعتمد على استمرار النوبة طوال اليوم.
- يجب أن تكون نوبات الاكتئاب وتقلبات الهوس لها تأثيرا ملحوظ على الأداء المهني والاجتماعي.
- من معايير التشخيص السليم أيضاً ألا تتداخل الأعراض مع اضطرابات أخرى كالفصام أو طيف الفصام.
- نوبات الهوس الخفيفة المتكررة تميز البايبولار من النوع الأول بينما نوبات الاكتئاب الشديدة هي مايميز البايبولار من النوع الثاني.
- ينبغي ألا يتم الخلط ما بين فترة النقاهة واستعادة النشاط من النوبة الاكتئابية وبين الدخول في نوبة الهوس.
- تعد الإناث أكثر عرضة لنوبات الهوس والاكتئاب الشديدة الناجمة عن الاضطراب.
- الاندفاع كذلك سمة مميزة للاضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني والذي يمكن أن يساهم في زيادة معدلات الانتحار وتعاطي المخدرات.
- ظهرت بعض الإنجازات الإبداعية لدى المصابين بالاضطراب وخصوصاً أثناء نوبات الهوس.
مضاعفات مرض بايبولار
للأمراض بوجه عام مضاعفات خطيرة إذا ما أهملنا العلاج؛ ومضاعفات الاضطرابات النفسية هي الأشد خطورة لما قد تسببه من ضرر على الفرد والمجتمع، وبالنسبة لمرض البايبولار فلا تختلف المضاعفات في النوعين بشكل ملحوظ، ومن أهم هذه المضاعفات نذكر:
- حدة نوبات الاكتئاب تزيد من فرص تكرار محاولات الانتحار.
- نوبات الهوس الشديدة يمكن أن تزيد من خطر الوفاة بجرعة زائدة من المخدرات نتيجة الانخراط في نشاط الإدمان.
- السلوك العدواني والمضاد للمجتمع كذلك يمكن أن يعرض المريض للمسائلة القانونية.
- فترات طويلة من البطالة وخسارة الأصدقاء والعائلة بسبب اضطرابات المزاج.
علاج مرض بايبولار
يعتبر كلاً من العلاج النفسي والدوائي أمراً هاماً في مواجهة مرض بايبولار وتأثيره على الحياة اليومية وأنشطة المريض وتحسين علاقاته الاجتماعية مع الأهل والأصدقاء ولا يوجد فرق ملحوظ بين النوعين الأول والثاني في العلاج، ومن الوسائل العلاجية نذكر ما يلي:
- مثبتات المزاج للسيطرة على حدة نوبات الهوس والاكتئاب، ومن هذه المثبتات: الليثيوم-ثنائي فالوبروكس الصوديوم (ديباكوت).
- مضادات الذهان مثل: ريسبريدون (ريسبردال) – كاريبرازين((فرايلار) وغيرها.
- مضادات الاكتئاب المختلفة مثل فلوكسيتين وذلك للسيطرة على نوبات الاكتئاب وحدتها وتحجيم مخاطرها.
- بالإضافة إلى العلاج الدوائي فإن البرامج النفسية والإرشادية الفردية والجماعية هامة للمرضى وهي متنوعة الطرق والمدارس، ومن أهمها:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): وهو من الطرق السريعة والفعالة في علاج الاضطرابات النفسية بوجه عام حيث يعمل على تصحيح الأفكار الغير فعالة واستبدالها بأفكار أكثر فاعلية لمواجهة الحياة ومشكلاتها.
- علاج الإدمان: للمرضى الذين انخرطوا في تعاطي المخدرات باستخدام الإرشاد الفردي والجماعي.
- التربية النفسية: والمتمثلة في استراتيجيات إدارة الذات في التعامل مع النوبات المختلفة وتنظيم ساعات النوم.
الوقاية من الاضطرابات النفسية والعقلية لا يمكن أن يكون وليد اللحظة بل هي رحلة تبدأ من مرحلة الجنين وانفعالات الأم وتأثيراتها على الصحة النفسية للطفل، والتنشئة في المراحل المبكرة من الطفولة تشكل أساساً لاستجابات الطفل السوية أو المرضية، لذلك يجب على الأسرة والمدرسة أن تولي اهتماماً مبكراً بالصحة النفسية، تعرفنا في المقال السابق ما هو مرض بايبولار على الاضطراب وأعراضه وطرق تشخيصه وعلاجه، انتظرونا مع مقال آخر على موقعنا معلومة مفيدة.