ليلة الإسراء والمعراج من الليالي المباركة وقصتها من القصص الدينية الهامة ففيها واسى المولى عز وجل نبينا ورسولنا الكريم على حزنه وشعوره بالوحدة حيث جاءت أحداث تلك الليلة مؤكدة على نبوءة وصدق النبي ﷺ في الدعوة للتوحيد؛ فقد كان لها أثر واضح في إضعاف الكفار الذين صدوه وكذبوه؛ وليستوفي الحديث حقه عن هذه القصة الرائعة خصصنا مقالنا التالي في معلومة مفيدة لتحمل طياته تفاصيلها وجميع ما تتضمنه من أحداث.
ليلة الإسراء والمعراج
هذه الليلة من الليالي المقدسة عند المسلمين في العالم أجمع نظراً لما جرى فيها من أحداث شهدها النبي صلى الله عليه وسلم؛ وإليكم التفاصيل:
- لقصة الإسراء والمعراج حدثت في السابع والعشرين من شهر رجب سنة 621م؛ تحديداً في عام الحزن
- العام الذي فقد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها وعمه أبو طالب.
- في هذا العام ذهب النبي ﷺ لمدينة الطائف لهداية الناس واستكمال الدعوة.
- لكن أهل المدين ساؤوا استقباله وصدوه وأمروا أبنائهم برميه بالحجارة.
- بالفعل تأذى النبي من تلك الأفعال فيذكر أن دمه سال من رأسه ووصل إلى ركبتيه.
- أحزن موقف أهل المدينة النبي ﷺ ولم يجد سبيل سوى اللجوء للمولى عز وجل فتضرع إليه قائلاً:
- {اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني}.
- استجاب المولى عز وجل لدعوة النبي ﷺ.
- أرسل إليه سيدنا جبريل يبلغه بأنه لو أراد أن يطبق على أهل الطائف الجبال لأطبقها عليهم.
- لكن نبينا المصطفى لم يرد بهم الهلاك آملاً أن يكون بينهم واحداً موحداً بالله.
- أحسّ الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحدة فأرسل له المولى عز وجل سيدنا جبريل ليصطحبة إلى خارج المسجد لتحدث المعجزة.
- حينما خرج النبي ﷺ على أعتاب المسجد وجد:
- دابة ذات جناحين كانت تعرف بالبراق وهي أشبه بالحمار والبغل، عرفت بسرعتها البالغة.
- ركب الرسول صلى الله عليه وسلم الدابة فطارت به خارج مكة المكرمة وانتقلت به إلى بيت المقدس.
- حينما وصل هناك وجد أنبياء الله مصطفين للصلاة فدخل إلى المسجد وتولى الإمامة.
- كان في هذا تكريم للرسول صلى الله عليه وسلم باعتباره خاتم الأنبياء.
- وبعدما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة جاءه سيدنا جبريل بكوب من اللبن وكوب من الخمر وقال له اختر ما شئت فاختار النبي ﷺ اللبن.
عودة النبي من بيت المقدس
في صباح اليوم التالي عقب عودة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة:
- أخذ يسرد تفاصيل رحلته على أهل مكة فاتهموه بالكذب حيث:
- كانت أقصر رحلة إلى بلاد الشام تستغرق شهر ذهاب وشهر عودة؛ أي شهرين؛ فكيف للنبي أني يذهب ويعود في ليلة واحدة ؟ وكيف لرحلته ألا تستغرق أكثر من سواد الليل.
في أحداث هذه القصة استطاع النبي ﷺ أن يصف لأبو بكر تفاصيل المسجد وما رآه هناك رغم أن هذه كانت الزيارة الأولى له إلى هناك.
هل كان الإسراء والمعراج في ليلة واحدة
هذا الاستفسار من الاستفسارات المتداولة في صدد حديثنا اليوم؛ لذا سنجيبه لكم عبر الأسطر التالية:
- نعم كان الإسراء والمعراج في ليلة واحدة حيث:
- أرسل المولى عز وجل سيدنا جبريل للنبي وهو نائم في المسجد فهمزه في قدمه؛ ولما جلس النبي لم يرى شيئاً.
- فعاد مرة أخرى وهمزه في قدمة فجلس النبي ولم يرى شيئاً.
- وفي المرة الثالثة جلس فرأى سيدنا جبريل.
- اصطحبه سيدنا جبريل إلى باب المسجد وهناك وجدا دابة ذات جناحات ركبها فطارت به إلى بيت المقدس.
- وما أن انتهى الليل إلا أن عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة.
الإسراء والمعراج في القرآن الكريم
تجمع آيات القرآن الكريم تفاصيل القصص التي شهدها النبي صلى الله عليه وسلم أثناء دعوته للتوحيد فكتاب القرآن خير ما نهتدي به في حياتنا الدنيا؛ ومن ضمن القصص التي ذكرها لنا المولى عز وجل في آيات كتابه الحكيم قصة الإسراء والمعراج؛ فقد تناولت سورة النجم وسورة الإسراء بعض الأحداث المتعلقة بتلك الليلة؛ ومن آياتهم نذكر:
- قول الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (17) لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ (18)} [سورة النجم].
- كذلك قول المولى عز وجل: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [[الإسراء: (1)].
بجانب آيات القرآن الكريم وردت القصة في السنة النبوية المطهرة في قول النبي صلى الله عليه وسلم:
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: {لَمَّا أُسْرِيَ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، انْتُهي به إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، وهي في السَّماءِ السَّادِسَةِ، إلَيْها يَنْتَهِي ما يُعْرَجُ به مِنَ الأرْضِ فيُقْبَضُ مِنْها، وإلَيْها يَنْتَهِي ما يُهْبَطُ به مِن فَوْقِها فيُقْبَضُ مِنْها، قالَ: {إِذْ يَغْشَى} (النَّجْمُ) {السِّدْرَةَ ما يَغْشَى} [النجم: 16]، قالَ: فَراشٌ مِن ذَهَبٍ، قالَ: فَأُعْطِيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثًا: أُعْطِيَ الصَّلَواتِ الخَمْسَ، وأُعْطِيَ خَواتِيمَ سُورَةِ البَقَرَةِ، وغُفِرَ لِمَن لَمْ يُشْرِكْ باللَّهِ مِن أُمَّتِهِ شيئًا، المُقْحِماتُ}.
الحكمة من رحلة الإسراء والمعراج
اشتملت قصة الإسراء والمعراج على العديد من المواعظ والحكم فقد منّ الله تعالى بهذه الرحلة على النبي صلى الله عليه وسلم :
- ليؤنسه في وحدته وليخفف عنه حزنه الذي شعر به أثر فقد زوجته وعمه أبو طالب رضي الله عنهم وأرضاهم.
- كذلك لتخفيف ما شعر به نتيجة تكذيب المشركين له أثناء دعوته للتوحيد.
أراد الله تعالى بهذه الرحلة أن يطلع المكذبين والمشركين على ألوان قدرته وبالفعل كانت الإسراء والمعراج مفاجئة لكل مكذب؛ وقد كان في هذه القصة مجموعة من الحكم والمواعظ نوردها لكم في السطور التالية:
- رحلة الإسراء والمعراج كانت بداية فاصلة في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فهي حدث جلي يؤكد صدق النبوة.
- قد كان في إمامة الرسول للأنبياء تأكيد على ترابط الأمة الإسلامية.
- كان في إرسال المولى عز وجل للنبي للمسجد الأقصى رفعة من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم.
حكم صيام الإسراء والمعراج
بعد أن تعرفنا على تفاصيل قصة الإسراء والمعراج ننتقل معكم لتوضيح حكم صيام هذه الليلة المباركة:
- يفضل الكثير من المسلمين الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما كان يفعل من صيام وقيام وفي إطار هذا يبحث الكثير منهم عن حكم صيام الإسراء والمعراج وهو ما ستحمله طيات سطورنا القادمة:
- لم يرد في آيات القرآن الكريم أو في السنة النبوية أي نص شرعي يشير إلى أن صيام هذه الليلة سنة عن النبي ﷺ.
- بالتالي فإن صيامها يعتبر جائز في أحيان وغير جائز في أحيان؛ وإليكم تفاصيل ذلك:
- إذا صادفت الليلة يوم الإثنين أو الخميس يجوز صيامها اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- أما إذا لم تصادف الليلة إحدى الأيام المذكورة فلا يجوز صيامها على أنها من الأيام المباركة.
- لا يوجد في السنة النبوية ولا في آيات القرآن الكريم ما يبيح صيام ليلة الإسراء والمعراج وبالتالي يصبح صيامها بدعة.
المؤكد في السنة النبوية عن الرسول ﷺ أنه كان يصوم شهر شعبان ورمضان وأنه كان يتحرى صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع؛ وتأكيد هذا جاء في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها حيث قالت:
- أن النبي كان: {كان رسولُ اللهِ يصومُ شعبانَ ورمضانَ ، ويتحرَّى الاثنينِ والخميسَ}.
اختص المولى عز وجل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بمجموعة من المعجزات كونه خاتم الأنبياء والمرسلين وتضمنت آيات القرآن الكريم تفاصيل تلك المعجزات ليصبح القرآن وآياته هدى نهتدي به ومن المعجزات التي وقف أمامها المشركين متعجبين معجزة ليلة الإسراء والمعراج التي مكن فيها المولى عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم من الذهاب والعودة من بيت المقدس في ليلة بينما كانت تستغرق الرحلة آنذاك 60 يوم؛ وخير ما نقول عن هذه القصة: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} سبحانه القادر المقتدر؛ كان هذا موضوعنا اليوم في معلومة مفيدة وإلى اللقاء في مقال آخر