لكل إنسان مفهوم عن التفاؤل يختلف باختلاف التجارِب التي مرت عليه في حياته وحفرت بداخله مفهوماً عن التفاؤل والتشاؤم؛ ولكن هناك فرق بين الأمل والتفاؤل؛ فالأمل انتظار لحلم جميل قد يأتي وقد لا يأتي، أما التفاؤل فمعنى يعيش به المتفائلون، حالة من الإيجابية رغم الصعوبات، وقدرة على تحويل التجارِب القاسية إلى شعاع نور، وتحرير النفس من الألم بإيجاد البدائل، وفي هذا المقال على موقعنا معلومة مفيدة نتعرف على قوة التفاؤل وكيف يمكن أن تغير حياتك للأفضل.
قوة التفاؤل
تعني كلمة تفاؤل توقع الخير، ويقول العرب تفاءل برؤية البشير بأنه يحمل خبراً ساراً، وكثيراً ماسمعنا المثل القائل”عليك أن تنظر إلى نصف الكوب الممتلئ”، وفي السطور التالية نوضح كيف يمكن لقوة التفاؤل أن تحرك حياتك نحو الأفضل:
- التفاؤل يجعل منك شخصاً داعماً لمن حولك يحرص أن تسير الأمور على ما يرام.
- يساعدك التفاؤل كذلك على استثمار كل لحظة في حياتك لتجعل الأمور على أفضل حال.
- التفكير بطريقة متفائلة يمنع عنك الاستغراق في الأفكار التي تسبب القلق والاكتئاب.
- يساعد التفاؤل على شعورك بصحة أفضل فالاضطرابات النفسية تؤثر بشكل كبير على صحة الجسد.
- المتفائل يحبه الآخرون فالناس تحتاج إلى الدعم بشكل مستمر بكلمات تبعث الأمل.
- التفاؤل يحارب الأمراض ويطيل العمر ويزيد مناعة الجسم بشكل كبير.
أهم صفات الشخص المتفائل
قوة التفاؤل داخل الفرد تجعله يتمتع بمجموعة من الصفات الجذابة التي يمكن ملاحظتها بسهولة، ومن أهم هذه الصفات:
- الابتسامة الدائمة بعكس الأشخاص المتشائمين يغلب عليهم العبوس أغلب الوقت.
- كما يتميز المتفائل كذلك بحب الخير والأعمال الإيجابية والهادفة.
- الرضا عن الذات وحب الحياة والرغبة في مساعدة الآخرين.
- الطموح والإنجاز والسعي والنجاح.
- القدرة العالية على اكتساب العادات الإيجابية والقضاء على العادات السلبية.
- الذكاء وسرعة البديهة والقدرة على حل المشكلات.
- النشاط في العمل والدافع القوي لإنجاز المهام المطلوبة.
- القدرة على تكوين علاقات اجتماعية سليمة.
- لدي الأشخاص المتفائلون مستويات عالية من الصحة النفسية والتوافق النفسي والاجتماعي.
التفاؤل في علم النفس الإيجابي
يبدو أن الكثير من المهتمين بمجال الصحة النفسية سئموا من التركيز على الجانب المرضي فظهر توجه حديث يسمى بعلم النفس الإيجابي؛ يركز على تدعيم الصفات الإيجابية لمحاربة الاضطراب النفسية، دعونا نرى قوة التفاؤل من منظور علم النفس الإيجابي:
- يعتبر مارتن سليجمان هو الأب الروحي لعلم النفس الإيجابي.
- بينما يهتم علم النفس المرضي والإكلينيكي بالتركيز على الأمراض والاضطرابات النفسية كانت مهمة علم النفس الإيجابي تدعيم الطموح والتفاؤل وحب الحياة.
- ظهر علم النفس الإيجابي كتوجه جديد في علم النفس لدعم الصفات الإيجابية التي تحقق الرفاهة والسعادة للإنسان وبالتالي يمكن تخفيف حدة الاضطرابات النفسية.
- ومن أبحاث التفاؤل ما قام به سلنجمان وآخرون من دراسة على عينة من طلاب جامعة هارفارد بين عامي 1939-1944م ممن شاركوا في الحرب العالمية الثانية.
- توصلت الدراسة إلى أن الطلاب الذين ينظرون إلى الأحداث الصعبة والسيئة على إنها عامة ومستمرة ولها علاقة مباشرة بهم كانوا أقل صحة نفسية.
- أوضحت الدراسة كذلك أن الذين ينظرون إلى الأحداث باعتبارها مؤقتة وعابرة وليس لها علاقة مباشرة بهم كانوا أكثر صحة نفسية.
- كما بدأت علامات تدهور الصحة تظهر على العينة المتفائلة بعد سن الخامسة والأربعين بينما ظهرت علامات الإجهاد على العينة المتشائمة قبل ذلك.
- تم تتبع العينة في مراحل عمرية متقدمة وأظهرت النتائج أن:
- العينة المتفائلة كانت أطول أعماراً حيث تجاوز أغلبهم الخامسة والستين.
- بينما مات معظم أفراد العينة المتشائمة قبل الخامسة والخمسين.
- يتضح من الدراسة التي أجراها سلنجمان وزملاؤه أن للتفاؤل تأثير مباشر على الصحة النفسية والجسدية على حدٍ سواء وكذلك على طول العمر.
أهمية النظرة التفاؤلية للحياة
التفاؤل هو نمط حياة يعيش به المتفائلون وإن حاصرتهم المواقف الضاغطة؛ فبطبيعتهم المتفائلة يضفون على أشد المواقف تعقيداً معانٍ إيجابية، فقوة التفاؤل لها أهمية كبيرة في تحقيق حياة مليئة بالرفاهية والسعادة، نوضح ذلك فيما يلي:
- التفاؤل يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكر والضغط.
- كما يحفز التفاؤل الجسم على تحمل التمرينات الرياضية والنجاح فيها.
- يساعد التفاؤل على التكيف مع مواقف الحياة المختلفة مهما بلغت صعوبتها.
- كما يساعد كذلك على التسريع من عملية الشفاء من الأمراض.
- النظرة التفاؤلية تسعى دائماً إلى إيجاد الحلول للخروج من المشكلات بدلاً من التشاؤم والشكوى.
- المتفائلون أكثر تأثيراً إيجابياً في غيرهم، وملهمون بطبيعتهم للخير وللمعاني البناءة.
- التوقعات الإيجابية تدفع الإنسان إلى العمل والإنجاز بشكل كبير.
كل متوقع آت
نظرة الإنسان التفاؤلية أو التشاؤمية تنبني في الأساس على طريقة تفكيره أكثر من كون أحداث الحياة أو مجريات الأحداث مسبباً في نظرته، فهل قوة التفاؤل يمكن أن تجذب الأشياء السارة، مزيد من التوضيح في السطور التالية:
- كثير من الأمور التي نخاف حدوثها بل معظمها لا تحدث بالفعل.
- هناك نوعين من طريقة التفكير التي تتسم بالتفاؤل:
- النوع الأول: التفاؤل المبني على التوقع، مثل: توقع النجاح أو الشفاء من مرض ما.
- النوع الثاني: التفاؤل بشأن الواقع أي النظرة المتفائلة للأحداث وإن كانت صعبة فعلى سبيل المثال في ظل أزمة كورونا كان يتحدث البعض عن تأثيرها الإيجابي على البيئة والدفيء الأسري.
- يمكن إذاً أن نقول بأن المتفائل تتحرك الأحداث من حوله لإثبات معتقده وكذلك المتشائم.
نماذج حققت التفاؤل رغم الصعوبات
يرتبط التفاؤل ارتباطاً وثيقاً بحب الحياة والرضا عنها ويظهر ذلك جلياً في أشخاص كانوا مشعلاً لقوة التفاؤل رغم صعوبة الظروف التي تحيط بهم، نستعرض في السطور التالية بعضاً من هذه النماذج:
- في حفل افتتاح مونديال قطر 2022م أطل علينا الشاب غانم المفتاح البالغ من العمر عشرين عاماً.
- يعاني غانم المفتاح من متلازمة التراجع الذيلي التي سببت له الكثير من المعاناة الجسدية والنفسية.
- كما تعرض غانم للتنمر على مدار حياته وكذلك الكثير من المضاعفات الصحية التي تسببت في خضوعه لجراحات متكررة.
- وعلى الرغم من ذلك فإن ابتسامته لا تفارق تفاصيل يومه.
- أبهر العالم بقوة حضوره في افتتاح كأس العالم في قطر حاملاً رسالة سلام وإخاء وتفاؤل وإلهام للإنسانية جميعاً مما جعله مصدر للدعم لمن يعانون مثل حالته.
- يؤكد غانم دائماً على أن لا مكان للإعاقة ما دام للإنسان عقل، كما إنه أيضاً يجيد السباحة وغيرها من المهارات.
- كما تغلب كذلك عالم الفيزياء النظرية ستيفن هوكينج على التصلب الجانبي الضموري ليصبح الأبرز على مستوى العالم والتاريخ.
- نيك فيوتتش الذي عانى من متلازمة نقص الأطراف الأربعة وصاحب كتاب”Live without limits”.
- تغلب على اليأس بعد محاولات للانتحار بسبب التنمر.
- تعلم الكتابة مستخدماً أصابع قدميه كما اهتم بقضايا المراهقين وفاقدي الأطراف ليصبح كاتباً ومحاضراً يبث الأمل والتفاؤل ويساعد الناس على تجاوز الألم والصعوبات.
ماذا لو أن الموت قريب
نعلم جميعاً أن الحياة تنتهي؛ وعلى الرغم من ذلك أن يخبرك أحدهم بقرب نهايتك فإن ذلك شيء يدعو للتشاؤم أليس كذلك؟، دعني أؤكد لك أن ذلك غير صحيح وأثبت لك ذلك من خلال المثال التالي:
- علي بنات رجل أعمال استرالي من مواليد عام 1985م .
- عاش علي حياة من الترف، امتلك السيارات وغيرها من مقومات البزخ.
- في عام 2015م تم تشخيصه بالسرطان وتوقع الأطباء أن يعيش سبعة أشهر فقط ولكنه عاش ثلاث سنوات.
- اشتهر علي بنات من خلال فيديو” الموهوب بالسرطان” الذي قام بتصويره قبل وفاته ليبعث الأمل والتفاؤل وأهمية العمل.
- عندما شعر بدنو نهايته قام ببيع أعماله التجارية لصالح توغو وغانا وبوركينا فاسو التي يعيش أغلب سكانها تحت خط الفقر.
- توفي في 25مايو 2018م تاركاً رسالة مفادها أن بَذْرَة الأمل والتفاؤل تزرعها ليحصدها غيرك ويحيا عليها.
كيف أصبح شخص متفائل
طريقة التفكير يتعملها الإنسان منذ لحظات تشكله جنيناً فتنعكس مشاعر الأبوين على تصوراته عن الحياة واستجابته لها؛ فإما ينشأ محباً لها وإيجابياً متفائلاً أو يغلب عليه التشاؤم والنظرة القاتمة، في السطور التالية نوضح كيف نعزز من قوة التفاؤل لدينا:
- هناك بعض العادات اليومية التي يمكن أن تعزز التفاؤل، مثل: التأمل، وممارسة الرياضة، وأداء الصلوات.
- الإقبال كذلك على الأنواع المختلفة من الفنون كالموسيقى والرسم.
- التخلص من اضطرابات القلق والوسواس القهري وغيرها من خلال الاستعانة بالطبيب أو المرشد النفسي.
- صحبة الأشخاص الإيجابيين ونشر الأفكار الإيجابية فأفكارك محصلة ماتكرره وعاداتك تتأثر بمن تصاحب.
- تدريب الذات على مهارة مواجهة المشكلات مهما بدت صعبة وذلك من خلال التفكير العلمي.
- تناول الطعام الصحي والتمتع بقدر كافٍ من النوم.
- الواقعية في تقدير الأمور تجنبك اليأس والإحباط.
الحياة قصيرة وستنتهي وليس ثمة ما يدعو للتشاؤم في هذه الحقيقة بل على العكس تماماً؛ فتذكرك لهذه الحقيقة دائماً يساعدك على استغلال لحظات الحياة الاستغلال الأمثل فتستمتع بالمتاح وتسعى للأفضل وتحلم بواقعية وتصنع عالمك وتردد دائماً بأن غداً أفضل بقوة التفاؤل، انتظرونا في مقال جديد على موقعنا معلومة مفيدة.