من بين الكثير من الأعراض المتنوعة، توجد علامات تدل على الاكتئاب أكثر من غيرها وتستدعي طلب المساعدة. حيث أن الاكتئاب لم يعد مجرد حالة من الحزن، وإنما وصفه علماء الصحة النفسية حديثًا بإنه القاتل النفسي الصامت، ويعد الاكتئاب في هذا العصر واحد من أهم وأخطر الأمراض النفسية. فإذا كنت تشعر أنك تعاني من إحدى علامات الاكتئاب؛ فسوف تجد في هذا المقال من معلومة مفيدة أهم أسباب وأعراض الاكتئاب وطرق علاجه.
علامات تدل على الاكتئاب
الاكتئاب أو بمسماه العلمي الاضطراب الاكتئابي الرئيسي هو عبارة عن اضطراب أو اختلال مزاجي يؤثر على التفكير والسلوك، يولد شعور مسيطر بالحزن وفقدان الرغبة تجاه أنشطتك اليومية المعتادة؛ والاكتئاب ليس مجرد حالة من الحزن العابر المؤقت، ولكن أعراضه قد تشمل مشاكل وتغيرات نفسية وجسدية عديدة، نذكر منها:
- مشاعر الحزن المستمرة أو البكاء.
- الشعور باليأس وفقدان الرغبة.
- نوبات الانفعال أو الإحباط بسبب أتفه الأشياء.
- تباطؤ التفكير وصعوبة اتخاذ قرار وفقدان التركيز.
- فقد المتعة في ممارسة الأشياء المحببة كالهوايات.
- فقدان الشهية والوزن وعدم الاستمتاع بالأكلات المحببة سابقًا.
- اضطرابات النوم وتشمل النوم لساعات أطول من اللازم أو الأرق.
- الشعور المفرط بالذنب والتركيز على لوم النفس وتذكر أخطاء الماضي.
قد تشعر أنك مررت ببعض أو كل تلك الأعراض في وقت ما من حياتك؛ ولكن تذكر أننا نتحدث عن مشكلة صحية مستمرة وليست نوبة عابرة؛ فتلك الأعراض تكون من الحدة عند مريض الاكتئاب لدرجة تصل للتأثير على حياته اليومية وتعاملاته في المنزل والدراسة أوالعمل مما يجعل المريض يصل لشعور عام بالبؤس واليأس من الحياة دون معرفة الأسباب.
أسباب الاكتئاب
غالبًا ما يكون الأشخاص الذين تعرضوا لأحداث مؤسفة وقاسية هم الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، فالاكتئاب يحدث عادة كنتيجة لمجموعة معقدة من التفاعلات النفسية والاجتماعية والبيولوجية؛ غير أن منشأ الاكتئاب قد ينتج من أحد الاحتمالين:
- صدمة نفسية: التعرض لصدمة نتيجة حدوث أمر مؤسف للشخص، أو التنشئة في بيئة غير صحية نفسيًا قد يسببا الإصابة بالاكتئاب.
- مشكلة جسدية: يمكن أن تسبب الإصابة بأحد أمراض القلب أن يصاب المريض باكتئاب حاد مصاحب أو تابع للإصابة الجسدية.
تشخيص الاكتئاب
يفضل أن تطلب المساعدة عند شعورك بأي من أعراض الاكتئاب السابق ذكرها، فعند لجوئك للطبيب أو المعالج النفسي سيقوم أي منهما بطرح بعض الأسئلة عليك؛ لتحديد أعراض الاكتئاب التي تعاني منها بدقة أكثر؛ وقد يطلب منك طبيبك أن تملأ استمارة أسئلة للمساعدة في التشخيص، ويتكون تشخيص الاكتئاب من ثلاث مراحل هم:
- الفحص السريري.
- الفحص المعملي.
- الفحص النفسي.
ويتضمن التشخيص تحديد ما إذا كان الاكتئاب بسيطًا (خفيف أو متوسط) أو اكتئاب شديد (اكتئاب حاد).
أعراض الاكتئاب البسيط
الاكتئاب البسيط لا يعني مجرد الشعور بالضيق فقط؛ وأنما استمرار حالة الحزن واليأس لأيام، مما يتعارض مع أداء الأنشطة اليومية والتفاعل الاجتماعي؛ ومن أشهر أعراض الاكتئاب الخفيف:
- الشعور بالانزعاج من أتفه الأسباب.
- شعور مستجد بعدم الرغبة في التواصل الاجتماعي.
- افتقاد الرغبة لممارسة أي نشاط كان مستحبًا قبل الإصابة بالاكتئاب.
- الشعور بالإحباط أو الذنب.
- إحساس مستمر بكراهية النف.
- سهولة التشتت وضعف التركيز.
فإذا رافقتك هذه الحالة بشكل يومي ولأكثر من أربعة أيام ولمدة عامين؛ فأنت على الأرجح تعاني مما يسمى بالاكتئاب الجزئي، وتحتاج للتواصل مع طبيب متخصص.
أعراض الاكتئاب الحاد
قد يستمر الاكتئاب الحاد لمدة تصل لستة أشهر أو أكثر، وقد يعود من جديد ليصيب المريض بعد الشفاء منه، لذلك يعد هو نوع الاكتئاب الأكثر خطورة.
وقد يؤثر في حياة المريض بدرجة يلاحظها من حوله، فيؤدي لتدهور علاقاته الاجتماعية والتقصير في عمله بشكل كبير، ومن أعراضه الخطيره:
- الهلاوس والضلالات.
- ذهول المريض مما يحيط به.
- ضعف أدراك المريض لما يحدث من حوله.
- التفكير في الانتحار.
- المحاولة الجدية للانتحار.
وينبغي أن نؤكد على ضرورة استشارة الطبيب عند ملاحظة هذه الأعراض على أي من المحيطين بك، نظرًا لجدية هذه الأعراض وخطورتها على الشخص المصاب.
أعراض الاكتئاب الجسدية
لسوء الحظ؛ لا يبلغ مريض الاكتئاب عادة عن الأعراض الجسدية التي يعاني منها والتي تصاحب الاكتئاب، مما يجعل الأطباء يهملونها في كثير من الحالات لتشابهها مع أعراض الأمراض العضوية؛ لذلك ينبغي التوعية بها وبأكثرها شيوعًا، كالأعراض الآتية:
- الإرهاق المستمر وانخفاض مستوى الطاقة.
- ضعف القدرة على احتمال الألم.
- مشاكل الجهاز الهضمي وأشهرها القولون العصبي.
- الصداع المتكرر.
- تقلبات الشهية والوزن.
- صعوبات النوم.
- تغير نمط الحركة.
- تباطؤ أو شدة التفكير.
كما توجد أعراض جسدية أقل شيوعًا عند مرضى الاكتئاب، وهي كالتالي:
- انخفاض أو فقدان الرغبة الجنسية.
- آلام الصدر كنتيجة لارتفاع ضغط الدم أو الإصابة بأحد أمراض القلب.
- الإصابة بمشاكل في العين كضعف البصر.
- تدهور المناعة وزيادة احتمالات الإصابة بالعدوى والالتهاب.
علامات تدل على الاكتئاب عند المرأة
قد لا تختلف أعراض الاكتئاب عند النساء عن الرجال؛ وإنما توجد أعراض أكثر شيوعًا عند النساء، كما تزداد احتمالات الإصابة بالاكتئاب عند النساء أكثر من الرجال، وذلك لطبيعة عمل الهرمونات الأنثوية وكيفية استجابة الأنثى لها بالإضافة إلى أعباء الأسرة والأبناء.
ولأن معرفة الأعراض هي الخطوة الأولى في التشخيص لتحديد العلاج؛ نستعرض معك أكثر أعراض الاكتئاب النفسية والجسدية التي تتعرض لها المرأة:
- شعور المرأة الزائد بالذنب وانعدام الثقة بنفسها.
- تكرر نوبات الغضب والانفعال العميق متبوعة بنوبات من البكاء الشديد.
- فقدان الشغف و عدم الرغبة في تأدية النشاطات المعتادة.
- العصبية المصاحبة القلق والتوتر.
- الشعور بالرهبة والخوف.
- دقات القلب السريعة.
- الأرق أو النوم الزائد.
- الإرهاق المستمر مع أقل مجهود.
تميل غالبية النساء على مستوى العالم لإهمال شكواها الصحية، سواء النفسية أو الجسدية، لذلك ننصح دائمًا بطلب المساعدة من مختص أواللجوء إلى العائلة والمقربين لطلب الدعم النفسي، حتى يتم إدارة الاكتئاب بشكل صحيح والتعافي منه بأسرع ما يمكن.
اكتئاب النفاس
هو نوع من الاكتئاب يحدث بعد الولادة ويستمر لبضعة أيام قد تصل لأسبوع أو أسبوعين، وقد تشمل أعراضه:
- الشعور بالنفور من الطفل والانفصال عنه.
- إحساس الأم بالذنب تجاه الطفل وخوفها من عدم رعايته بشكل مناسب.
- الخوف الزائد من أن تؤذي طفلها.
- الغضب المستمر والرغبة الدائمة في البكاء.
وتتلاشى تلك الأعراض تدريجيًا من تلقاء نفسها في معظم الحالات، والأفضل المصارحة مع الطبيب المعالج والأسرة بطبيعة الأعراض التي تشعرين بها، حتى يتم تدارك الحالة وتقديم الدعم النفسي لها.
مضاعفات الاكتئاب
للاكتئاب مضاعفات كأي مرض، فإهمال المريض لطلب العلاج يؤدي لتفاقم الأعراض وتطور حالة المريض للأسوأ، على النحو التالي:
- الإصابة بالأمراض الجسدية كأمراض القلب أو ضغط الدم، وآلام الصدر المبرحة كنتيجة لزيادة وتيرة دقات القلب وسرعة التنفس.
- الهلع والإصابة برهاب العلاقات الاجتماعية والانعزال الحاد، مما يؤثر بالسلب على علاقة المريض بأسرته وعمله بالكامل.
- إدمان الكحوليات أو المخدرات للهروب من الواقع الذي يرفضه المريض.
- الإقدام على تشويه الجسد وإيذائه بإحداث جروح متفرقة بالجسم.
- الوفاة المبكرة نتيجة تدهور الصحة الجسدية والإصابة بالأمراض العضوية.
- الرغبة في الانتحار ومحاولة تنفيذه.
لذلك ننصح دائما بعدم التهوين من أعراض المرض النفسي ولا سيما الاكتئاب، ومن المهم أن يتفهم المحيطين بالمريض من أهل وأصدقاء طبيعة المشكلة الصحية التي يواجهها، وتقديم الدعم اللازم له.
علاج الاكتئاب
إذا ظهرت عليكم علامات تدل على الاكتئاب وتحدثتم إلى طبيب مختص وثبتت الإصابة ستبدأ رحلة العلاج؛ والتي تنقسم إلى علاج دوائي وعلاج نفسي وطرق علاج أخرى، حيث يشمل العلاج الدوائي:
- مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورأدرينالين الاختيارية.
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.
- مثبطات أوكسيديز أحادي الأمين.
وتسبب جميع الأدوية المضادة للاكتئاب أعراضًا جانبية، لا تتماثل شدتها عند جميع المرضى، وقد لا تستلزم توقف الدواء حيث تشفى سريعًا وبشكل تلقائي في الكثير من الحالات؛ وبالنسبة للعلاج النفسي:
- يتم بواسطة الطبيب أو المعالج النفسي، ويتمثل في المحادثات التي يجريها مع المريض خلال الجلسات النفسية حول حالته الراهنة وما يجري معه ومدى استجابته للعلاج، وهو ما يطلق عليه جلسات الاستشارة، ويتم عادة بالتوازي مع العلاج الدوائي.
- وقد يتم اللجوء للعلاج بالكهرباء؛ وذلك بتمرير تيار كهربي خلال دماغ المريض لتحفيزه على توليد فيض من المشاعر.
- وأخيرًا قد تستدعي حالة المريض إدخاله إلى المشفى أو إحدى مراكز الرعاية النفسية للتحكم في حالته وإدارة الخطة العلاجية بشكل متكامل وأكثر تنظيمًا وإحكامًا.
ومما سبق، تدرك عزيزي القاريء مدى خطورة التهاون مع وجود علامات تدل على الاكتئاب عند المريض، رجلًا كان أم إمرأة، وباستطاعتك الآن تكوين صورة كاملة عن ماهية هذا المرض الشائع في عصرنا، والإلمام بأسبابه وأعراضه وطرق علاجه، وللمزيد تابعنا في معلومة مفيدة، مع خالص تمنياتنا لك ولأسرتك بدوام الصحة والعافية.