النمرود بن كنعان هو صفحة مظلمة من التاريخ فيها عبرة لمن لا يعتبر، وأغلبنا يعرف هذا الرجل الذي ناظره سيدنا إبراهيم، هذا الرجل الذي حكم مشارق الأرض ومغاربها وآتاه الله الحكم والقوة والمال، فما كان منه إلا أنه أدعي الألوهية وتكبر وتجبر في الأرض بغير الحق، ولكن ما هي خلفية هذا الرجل وتاريخه؟، نحن سنقدم في معلومة مفيدة ومضات عن هذه الشخصية.
النمرود بن كنعان
اختلف المؤرخون العرب في نسبه أنه “نمرود بن كنعان بن کوش بن حام بن نوح أو أنه نمرود بن فالح بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ ابن سام بن نوح أو أنه ابن ماش بن ارم بن سام:
- ذكر ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ، والطبري في شرحه والقلقشندي كذلك بأنه “المروة بن كوش” وصولا إلى حام بن نوح ولم يخالفهم في ذلك إلا ابن كثير في البداية والنهاية.
- كان النمرود من الكلدانيين والكلدان تعني الجبابرة وهي أول دولة ظهرت بعد الطوفان.
- قام العصر الكلداني القديم علي نظام الممالك.
- كانت ممالكه قوية منذ الجيل الحادي عشر قبل الميلاد، وكانت الممالك ذات مساحات ضخمة تشمل جنوب ووسط بلاد ما بين النهرين.
- كانت بابل هي المدينة التي بناها النمرود واتخذها مقراً له.
- هي أول مدينة بنيت بعد الطوفان ولها تاريخ كبير وعريق، وكانت هي عاصمة الكلدانيين، ولأنهم يعتمدون على نظام الممالك وقتها فكانت هي المملكة الأهم.
- ومعني اسم النمرود أصيلة في اللغة الكردية مركبة من قسمين:
- نما وتعني ظهور أو بروز أو «نم» أي الندى، أو «نمر» وتعني الخالد.
- الجزء الثاني من الكلمة وهي «رود» و مصدرها رو أي النهر.
- فيكون بذلك معنى كلمة النمرود أي الخالد الذي ظهر من النهر وهذا يفسر ادعاء النمرود للألوهية أو بمعنى أدق ترجمة لادعائه الألوهية.
- كما عرف باسم الضحاك.
- هو شخصية ذكرت لأول مرة في التوراة اليهودية بالاسم كملك جبار تحدى الله ببنائه برج بابل، وهو أحد جبابرة الأرض.
- هو من الذين طغوا في الأرض فساداً، كان يحكم شعبه بالقوة والقسوة، وهو أول من وضع التاج علي رأسه.
- كان أول من أسس دولة من شعب الكلدان علي أرض بلاد ما بين النهرين بعد الطوفان العظيم طوفان سيدنا نوح عليه السلام.
- ذكر المؤرخون أن النمرود حكم ألف عام وكان في غاية الظلم، وجعل أخاه يحكم مصر باسمه.
النمرود عند اليهود
ذكر النمرود عند اليهود فقد جاء ذكره في التوراة كملك جبار، وكذلك جاء ذكره في التلمود والمدراش وتاريخ يوسفوس:
- قد اشتهر في كتب اليهود بجبروته وبأنه غزا الأراضي ولم يكتفي بالأراضي الخاصة به والأراضي التي تجاوره، وكان
- اسمه عند بين إسرائيل رمزاً للتمرد علي الله، وكانوا يسمونه بالصياد فالصياد هو الذي يستمتع بصيد الفريسة، عكس الراعي الذي يقوم بحماية رعيته ويبذل الخير من أجلهم.
كيف حكم النمرود شعبه
كان النمرود بن كنعان يحكم بالقوة والشدة فقد كان يحتكر الطعام لكي يلجأ الناس إليه ويشترون منه، مزيد من التفصيل في السطور التالية:
- كان الناس إذا أرادوا الطعام ذهبوا إليه وكان يأمرهم بالسجود له لكي يعطيهم الطعام، فكان يري نفسه إلاهاً فكان يقتل من يشاء وفي نظره هكذا أنه يحيي ويميت.
- كذلك كان يزعم أنه يستطيع فعل أمور إعجازية لا يستطيع أن يقدر عليها سوا الله وحده.
- عندما جاءه سيدنا إبراهيم رفض السجود له وعندما سأله عن ربه قال له من ربك فأجابه ربي الذي يحييّ ويميت فأجابه عندها النمرود أنا أحيي وأُميت وحصلت عندها المناظرة الشهيرة بينهم.
- كما أن النمرود سعي لتأسيس دولة عسكرية تقوم علي القوة المطلقة، وهو أول من أسس نظاماً عالمياً موحداً فقد كان يحكم العديد من البلاد، واهتم بالعلوم وسخرها لخدمة ملكه خصوصاً علم الفلك ودوران المجموعة الشمسية.
- نقلت هذه العلوم فيما بعد إلي مصر وبرع فيها القدماء المصريين.
رؤيا النمرود بن كنعان
قد ذكر ابن كثير وغيره أنه في يوم حلم النمرود بـ:
- أنه طلع نجم أخفى ضوء الشمس والقمر فهال ذلك أهل ذلك الزمان؛ وفزع النمرود، فجمع الكهنة والمنجمين وسألهم عن ذلك فقالوا: يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه.
- فأمر عند ذلك بمنع الرجال عن النساء وقتل المولودين منذ ذلك الحين،
- ولأن أم سيدنا إبراهيم خافت عليه من القتل علي أيدي جنود النمرود، فقد انتقلت به إلي دار شقيقها آزر وهي حامل به.
قصة سيدنا إبراهيم مع النمرود
قصة النمرود مع سيدنا إبراهيم نحكيها لكم في سطور:
- كان نبي الله إبراهيم عليه السلام يعيش في زمن النمرود وكان سيدنا إبراهيم خرج ذات مرة ليأتي بالطعام.
- كان النمرود لا يعطي الطعام إلا عندما يقول الناس له أنه إلها.
- فمر به سيدنا إبراهيم فقال: من ربك؟
- قال له له ربي الذي يحيي ويميت
- قال النمرود له: أنا أحيي وأميت فأمر النمرود رجاله بإحضار اثنين من الرجال، فقتل أحدهما وأمر بإطلاق سراح والعفو عن الآخر.
- قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب.
فبهت النمرود ولم يرد، كما جاء ذكر ذلك في سورة البقرة، قال تعالى:- ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ وَاتَهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِ وَيُمِيتُ قَالَ أنا أخي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: ٢٥٨].
- وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم: أن النمرود كان عنده طعام، وكان الناس يفدون إليه للميرة،
- فوفد إبراهيم في جملة من وفد للميرة ولم يكن اجتمع به إلا يومئذ فكان بينهما هذه المناظرة، ولم يعط
- إبراهيم من الطعام كما أعطى الناس، بل خرج وليس معه شيء من الطعام.
- فلما قرب من أهله عمد إلى كتيب من التراب فملأ منه عدليه، وقال: أشغل أهلي إذا قدمت عليهم، فلما قدم
- وضع رحاله وجاء فاتكأ فنام، فقامت امرأته سارة إلى العدلين فوجدتهما ملانين طعاماً طيباً، فعملت منه طعاماً،
- فلما استيقظ إبراهيم وجد الذي قد أصلحوه؛ فقال: أنَّى لكم هذا؟ قالت: من الذي جنت به فعرف أنه رزْقٌ رَزْقَهُموه الله عز وجل.
كيف كانت نهاية النمرود بن كنعان
لم تكن نهاية النمورد بن كنعان عادية أبداً وإنما كانت نهاية مأساوية؛ وإليكم تفاصيلها:
- قال زيد بن أسلم وبعث الله إلى ذلك الملك الجبار ملكاً يأمره بالإيمان بالله فأبى عليه. ثم دعاه الثانية فأبى عليه، ثم دعاه الثالثة فأبى عليه. وقال: اجمع جموعك وأجمع جموعي فجمع النمرود جيشه وجنوده، وقت طلوع الشمس
- فأرسل الله عليه ذباباً من البعوض، بحيث لم يروا عين الشمس وسلّطها الله عليهم، فأكلت لحومهم وشربت دماءهم وتركتهم عظاماً بادية.
- دخلت واحدة منها في منخّر الملك فمكثت في منخره، يعذبه الله تعالى بها.
- كان النمرود لا يهدأ إلا إذا ضرب بالنعال، أو إذا سجد، ثم أتي في يوم وقد أمر خادمه أن يضرب رأسه بسيخ من حديد فمات بعدها وكانت تلك نهايته.
أسئلة شائعة
هل النمرود هو الملك الذي ذكر في القرآن الكريم؟
القرآن الكريم لم يسم الملك الذي حاج إبراهيم في ربه؛ لأن القصد من القصص القرآني هو مضمون القصة وكذلك العبرة منها، واسم الملك لا يقدم ولا يؤخر في المضمون والعبرة، أما تسمية هذا الملك الذى حاجه إبراهيم بـ «النمرود» ومدة ملكه فجميعها قصص تاريخي، أورده المفسرون؛ وبالتالي فهو غير ملزم للقرآن الكريم.
كم سنة استمرت البعوضة في رأس النمرود؟
استمرت البعوضة في رأس النمرود لمدة أربعمائة عام حتي أهلكه الله بها فيقال أنها حكم قبلها أربعمائة عام وقد عذبه الله بها أربعمائة عام أخرى.
النمرود بن كنعان هو المثال التاريخي لكل متكبر يدعي الألوهية ويتحدي الله عزو وجل، كانت نهايته علي يد بعوضة وفي النهاية، نتمني أن نكون قدمنا لكم مقالا قيما في معلومة مفيدة ولنا لقاء آخر.