التربية الإيجابية ليست نظريات تُطبق بل هو توجه تربوي حديث يحتاج أولاً أن يتعافى كلا الأبوين من صراعاتهم قبل أن ينقلوها بشكل لا إرادي إلى طفل يولد في هذا العالم لُيبصر النور؛ ويحمل أحلامه على كفه يريدها أن تكبر معه، نعم أحلامه هو وليس أحلامك أنت، ويخوض تجاربه وأيامه التي يحتاج أن تساعده فيها بعين المتطلع إلى المستقبل والمتعافي من صراعات الماضي وتجاربه الخاطئة، وفي هذا المقال على موقعنا معلومة مفيدة نسلط الضوء على هذا التوجه التربوي الحديث.
التربية الإيجابية
حديثنا عن التربية الإيجابية أو Positive Education وهو مصطلح صاغه ألفرد أدلر صاحب مدرسة علم النفس الفردي ثم طورت منه جين نيلسن مجموعة من الكتب والأبحاث تتناول التربية الإيجابية للطفل، ومن معاني التربية الإيجابية:
- تعني كلمة” positive” في الإنجليزية؛ بناء أو متفائل أو واثق.
- كما تشير كلمة” إيجابيات” في القاموس العربي إلى المزايا والأعمال الناجحة.
- ويتضح من معاني الكلمة في كلا اللغتين أن منهج التربية الإيجابية يقوم على:
- البناء لا الهدم.
- الحوار لا الصراخ أو الصراع.
- تسليط الضوء على المزايا أكثر من العيوب.
- العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل.
- فالإيجابية كتوجه حديث في علم النفس تقوم على تعزيز المزايا حتى تختفي العيوب.
أهم الأسس لتربية طفلك بشكل إيجابي
تعتمد التربية الإيجابية على مجموعة من المباديء الموضوعية في التعامل مع طفلك؛ وكذلك تعليمه أن يفكر بهذه الطريقة في حكمه على الأمور وأن يتعامل بهذه الكيفية في حل مشكلاته، ومن أهم هذه المبادئ:
- العلاقة التي يسودها الاحترام المتبادل، وتتمثل في:
- وجود قوانين واضحة يتم التعامل على أساسها.
- في حالة مخالفتها أنمي لدى طفلي ثقافة الاعتذار.
- النقاش والإقناع في حل المشكلات.
- يجب أن تشمل لغة الاحترام جميع أفراد الأسرة.
- كما يجب على كل فرد أن يعتذر في حالة الخطأ.
- تجنب أسلوب الصراخ تماماً بين لأفراد الأسرة فهو يؤثر على الطفل بشكل سلبي.
- فهم خصائص المرحلة العمرية:
- إذا كان طفلك يسأل الكثير من الأسئلة في عمر السابعة.
- أنت الآن مشغول وعليك إنجاز بعض المهام؛ تبدأ الصراخ في طفلك، توقف الآن! كفاك أسئلة أنت تعيقني عن عملي!
- في هذه الحالة يمكن أن تعيق مهارات طفلك وذكائه واستكشافه الفطري.
- ولأنه يتعرف على العالم من خلالك ستصبح أول تجاربه المؤلمة؛ ومن خلالك سيستجيب للعالم الذي خذله من أول سؤال.
- لذلك عليك أن تتفهم خصائص المرحلة العمرية، وفي هذا المثال عليك أن تعلم” من الطبيعي أن يسأل طفلي كثيراً في عمر السابعة”.
- إذا كنت مشغولاً عن طفلك؛ يمكنك أن تقول سأجيبك بعد خمس دقائق فكر قليلاً حتى انتهي من عملي.
- استمع لطفلك وتفهم مشاعره:
- يجب أن تدل على تعبيرات الوجه ونبرات الصوت على التعاطف مع الطفل وفهم مشكلته.
- حاول أن تكون قريباً من مستوى طوله.
- كما عليك أن تعلمه إيجاد الحل بنفسه، مثل: هل تظن أنه من الصواب أن تضرب صديقك بعد أن أخذ أغراضك؟ ما الحل من وجهة نظرك؟
- من الضروري كذلك عناق طفلك وإشباعه بالمشاعر والحنان دون إفراط أو تفريط، فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة وجهان لعملة واحدة.
أهمية التعزيز في بناء شخصية طفلك
التعزيز منطقة حرجة في عملية التربية؛ فهي إما تتخذ المسار الصحيح وإما أن تتسبب في هدم شخصية الطفل وتدمير ثقته بنفسه، ولأن نفسية الأطفال لا زالت تنمو كأجسادهم، وصغيرة كأعمارهم، وحساسة لقلة خبراتهم، فعلينا أن نكون حذرين في الأساليب التي نتبعها في تعزيزهم، ومن أهمها:
- شجع طفلك عند القيام بالأفعال الصحيحة:
- يجب أن تنتبه لعبارات التشجيع لا المدح كأن تقول” لقد كنت متميزاً اليوم في ترتيب حجرتك”.
- لا تقل ” أنت أذكى طفل في العالم” لأن ذلك يسبب أضراراً في شخصية طفلك من حيث التوقع الزائد عن نفسه ونظرة الآخرين له.
- إذاً قاعدة أساسية مدح التصرف لا الطفل، وكذلك ذم التصرف وليس الطفل، وعليك أن توضح له أنك تحبه وتدعمه في كل الأحوال وليس بشروط معينة.
- على الطفل أن يتحمل عواقب ونتائج أفعاله الخاطئة:
- بمعنى”العاقبة لا العقاب”، مثال: إذا لم تذاكر فإنك ستحصل على علامات سيئة.
- إذا كسرت لعبتك لن تحصل على أخرى في الوقت الحالي.
- إذا تشاجرتم أثناء اللعب فسنعود إلى المنزل فوراً.
- وبذلك يشعر الطفل أن لأفعاله الخاطئة عواقب، وكلما كان الخطأ شديداً كانت العاقبة شديدة فيكبر طفلك على احترام الواجبات واحترام القانون.
- الامتناع عن ضرب الطفل تحت أي ظروف فهو وسيلة مرفوضة تعرض للمسائلة القانونية في الكثير من دول العالم.
التربية الإيجابية في المدرسة
المدرسة ليست بمعزلً عن المنزل في عملية التربية؛ بل لها دوراً أساسياً جنباً إلى جنب مع الأسرة؛ لذلك يجب ترسيخ ثقافة التربية الإيجابية داخل المجتمع ككل، ومن أهم أشكال التربية الإيجابية داخل المدرسة:
- بداية يجب أن يتم إعداد دورات تدريبية للمعلمين للتعرف على التربية الإيجابية وكيفية تطبيقها على أنفسهم والوصول بها إلى الشخصية الإيجابية.
- يوضح “سليجمان” الأب الروحي لعلم النفس الإيجابي، أن هدف تعزيز القيم الإيجابية هو تحقيق الرفاهية والسعادة والرضا عن الحياة.
- بالنسبة للمدرسة فإن الأمر يبدأ من حجرة الدراسة والمعلم.
- اسلوب التعلم القائم على العصف الذهني والحوار والمناقشة بدلاً من التلقين هو أول خطوات التعليم الإيجابي.
- إذا كنت تدرس الأطفال درساً تاريخياً عن حياة الإسكندر الأكبر.
- يمكنك أن تعرض فيلماً وثائقياً عن حياته.
- ولمزيد من المراجعة سيقوم التلاميذ بتمثيل مسرحية تتناول شخصيته.
- كما سيقوم الطلاب بإعداد بحث حر عن حياته.
- نسأل الأطفال ما الذي فهمته عن شخصية الإسكندر في كل جوانبها.
- كما أن تشجيع البحث والنقد وحرية الفكر والتعبير والسؤال من أهم أسس التربية الإيجابية.
- إعداد حصص تربوية في علم النفس الإيجابي تساعد الأطفال على فهم ووصف المشاعر بدقة من خلال أنشطة رسم وكتابة ومسرحيات يتم تدريب المعلمين والأخصائيين النفسيين عليها.
- عرض مشكلة على الأطفال ثم يبحث الجميع عن حلها؛ يمكن تقسيم الطلاب إلى مجموعات.
- تدريب الأطفال وبخاصةً في مرحلة المراهقة على المرونة التي تتطلب فهم مشاعر الذات والآخرين والتوصيف الحقيقي لها وذلك من خلال:
- رحلات المعسكرات والعمل المشترك.
- الحوار في حل المشكلات بين الأطفال أو المراهقين وبعضهم البعض.
- تدريب الأطفال على الهدوء والاسترخاء.
- تعليم الموسيقى والفنون كوسائل لتدريب العقل على المرونة وفهم المشاعر.
- في حال حدوث مشكلة أو مشاجرات بين الأطفال يتم التشجيع على التصالح والمناقشة؛ كما يمكن إشراك ولي الأمر للوقوف على الأسباب المنزلية التي تفاقم من عنف الأطفال.
فوائد التربية بشكل إيجابي
يعتقد الكثيرون أن التربية الإيجابية هي مرادف للتسيب والتساهل؛ والأمر على العكس تماماً فالتربية الإيجابية هي مرادف للحزم والمسئولية الكاملة عن الأخطاء، وبالطبع فإن أي مجتمع تعود على ثقافة التفكير الإيجابي والحل الإيجابي للمشكلات هو مجتمع مزدهر وأكثر سعادة ورفاهية، ومن أهم فوائد التربية الإيجابية:
- التفكير العقلاني والحلول المنطقية.
- احترام الذات والآخرين.
- كما تحقق التربية الإيجابية تحمل الإنسان مسئولياته بشكل كامل.
- تحقق كذلك التربية الإيجابية الرفاهية والازدهار والسعادة والرضا عن الذات.
- تنمي لدى الإنسان مهارة البحث عن الحلول بدلاً من الشكوى.
- كما تعزز مهارة الإنصات وفهم مشاعر الآخرين.
- كلما كان اهتمامنا بالتركيز على السمات الإيجابية تلاشت السمات السلبية في الغالب.
أسئلة شائعة
لماذا نحتاج إلى التربية الإيجابية؟
لا شك أن التربية الإيجابية تحقق السعادة لطفلك؛ وكلما كان طفلك سعيداً أصبح قادراً على حل مشكلاته وأكثر قدرة على التحصيل الدراسي بشكل فعال؛ كما أن التربية الإيجابية تنمي وجدان الطفل.
كيف أطبق التربية الإيجابية على طفلي؟
تفهم مشاعر طفلك بدايًة ثم علمه كيف يدير مشاعره بفاعلية، وكيف يواجه الإحباطات والصراعات من حوله؛ فالحياة ليست دائماً يسيرة ولا كل الأشخاص جيدون؛ لذلك عليه أن يبدأ بنفسه وأن يتعلم المواجهة والقوة بمزيد من الثقة بنفسه.
أطفالنا أمانة أتينا بها إلى العالم بإرادتنا؛ وعليه فإن البحث عن طرق التربية التي تحقق لهم السعادة والازدهار واجبنا، التربية الإيجابية للذات قبل البدء في مسئولية تربية الأطفال بمثابة التدريب على مهارات تؤهلك لوظيفة تحقق لك الربح والمكانة؛ فأي استثمار وربح أكثر من الذي تحققه في طفلك بأن تراه ناجحاً وسعيداً، إلى اللقاء مع مقال آخر على موقعنا معلومة مفيدة.