الإسراء والمعراج حدث عظيم في تاريخ الإسلام ويحتفل به المسلمون وقد أنزل الله سورة كاملة في القرآن تسمي ب” الإسراء”؛ فقد قال الله تعالي:” سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”،فهل تعرف تفاصيل هذه الرحلة العظيمة؟، سنتناولها في معلومة مفيدة.
الإسراء والمعراج
قبل أن نبدأ في شرح قصة الإسراء والمعراج دعونا نطلعكم على معناها في اللغة والاصطلاح:
- لغويًا:
- الإسراء: أتت من سرى وهو السير ليلا.
- المعراج: أتت من عرج أي صعد والمعراج هو الدرج أو السلم.
- اصطلاحًا:
- الإسراء: رحلة النبي ﷺ مع جبريل عليه السلام على دابّة البراق، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ورجوعه منه في ذات الليلة.
- المعراج: سلّم إلى السماء، صعد به النبي ﷺ من بيت المقدس إلى السماء ورجع في ذات الليلة.
أسباب رحلة الإسراء والمعراج
بعد وفاة عم النبي أبو طالب الذي نشأ في كنفه ورعايته، وكان يصد عنه أذي المشركين في قريش، توفت السيدة خديجة رضي الله عنها زوجة النبي وكانت تسانده بمالها وتصد عنه أذي المشركين في نفس العام.
بعدها خرج النبي ﷺ إلي الطائف ليدعوهم إلي الإسلام، فما كان منهم إلا أن أمروا الصبية الصغار والمجانين بإلقاء الحجارة علي الرسول الكريم حتي أدميت قدماه وسبوه بألفاظ بذيئة.
فكان ﷺ الألم في قلبه بالأكثر حت سمي هذا العام عام الحزن من شدة حزن النبي، فجلس يدعوا ربه وبعث الله إليه ملك الجبال يقول: إن شئت أطبق عليهم الجبلين، ولكنه (صلى الله عليه وسلم) أبى ذلك، وقال: إني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون.
لذا كانت الإسراء والمعراج للآتي:
- جعل الله لنبيه الإسراء والمعراج لتكون تسرية وتسلية له عما قاسى، تعويضاً عما أصابه في مكة والطائف.
- كذلك كانت تهيئة للمسلمين لشيء هام مستقبلًا وهو فرض الصلاة على المسلمين، فقد فرضت الصلاة علي المسلمين في هذه الليلة.
كيف بدأت الرحلة وماذا حدث بها
بداية الرحلة وما جرى فيها من أحداث في السطور التالية:
- رحلة الإسراء:
- جاء جبريل عليه السلام إلى النبيﷺ في تلك الليلة، وهو متوسّد في حجر إسماعيل عند الكعبة، فأيقظه لتبدأ هذه الرحلة العظيمة، وكان مع جبريل عليه السلام دابّة “البراق” (حجمها فوق الحمار ودون البغل، أما سرعتها فكانت تضع رجلها عند منتهى بصرها)، فرقى رسول اللهﷺ البراق، وانطلق بصحبة جبريل عليه السلام إلى بيت المقدس.
- وعندما دخل النبيﷺ إلي المسجد الأقصى وجد اجتماعًا هو الأعظم علي وجه الأرض حيث يعث الله النبيين والمرسلين مرة أخري.
- صلي بهم الرسولﷺ وكانت أعظم صلاة في الدنيا منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها.
- رحلة المعراج:
- صعد النبيﷺ مع جبريل إلي السماء، وكانت السماء الدنيا عبارة عن دخان فطلب جبريل الإذن فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قال: معي محمد، ففتح الباب وقيل: لم أؤمر أن أفتح لغيره، فدخل وشاهد الملائكة وعجائب خلق الله فيها، ورأى فيها رجلًا طويلًا -ستون ذراعًا في السماء- وحوله سواد عظيم، فإذا التفت إلى يمينه ضحك، وإذا التفت إلى شماله بكى، فتعجّب رسول الله ﷺ وسأل جبريل، فقال: هذا أبوك آدم وذريته، فعلى يمينه أهل الجنة وعلى شماله أهل النار.
- وصعد بعدها النبي إلي السماء الثانية فالتقي بنبي الله عيسى ونبي الله يحيى عليهما السلام، فرحبا به وقالا: “مرحباً بالأخ الصالح والنبيّ الصالح”.
- وفي السماء الثالثة، رأى سيدنا يوسف عليه السلام وسلّم عليه.
- ثم التقي بنبي الله إدريس في السماء الرابعة ونبي الله هارون في السماء الخامسة عليهما السلام.
- وفي السماء السادسة ألتقي بنبي الله موسي عليه السلام.
- ثمّ كان اللقاء بخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة، حيث رآه مُسنِداً ظهره إلى كعبة أهل السماء الذي يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة لا يعودون إليه أبداً.
- بعد ذلك وصل النبيﷺ عند سدرة المنتهي وهي:
- شجرةٌ عظيمة القدر كبيرة الحجم، ثمارها تُشبه الجرار الكبيرة، وأوراقها مثل آذان الفيلة، ومن تحتها تجري الأنهار.
لقاء النبي صلي الله عليه وسلم مع الله عز وجل
- بعد أن ترك الله سيدنا جبريل النبي ﷺ وقد رآه النبي في صورته الملائكية عند سدرة المنتهي وله ستمائة جناح، يتساقط منها الدرّ والياقوت.
- ولم يكن يستطيع سيدنا جبريل أن يقترب أكثر من ذلك فلو اقترب لاحترق، لتكون هذه المكانة شرفًا للنبي ﷺ.
- وحينها تشرف النبي ﷺ بلقاء المولي عز وجل فزالت مصاعب الدنيا في عينيه وكل الأهوال التي عايشها.
- وكان مما أعطاه الله له خواتيم سورة البقرة، وغفران كبائر الذنوب لأهل التوحيد الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك، ثم فَرَض عليه وعلى أمّته خمسين صلاة في اليوم والليلة.
حوار بين الرسول ونبي الله موسي عليه السلام
بعد أن فرض الله الصلاة علي رسوله وقد كانت خمسين صلاة، قابل سيدنا موسي عليه السلام في طريقه:
- لما رآه سأله: (بم أمرك ؟) ، فقال له: (بخمسين صلاة كل يوم)، فقال موسى عليه السلام: (أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف).
- فعاد النبي صلى الله عليه وسلم – إلى ربّه يستأذنه في التخفيف فأسقط عنه بعض الصلوات.
- فرجع إلى موسى عليه السلام وأخبره، فأشار عليه بالعودة وطلب التخفيف مرّةً أخرى.
- تكرّر المشهد عدّة مرّات حتى وصل العدد إلى خمس صلواتٍ في اليوم والليلة.
- استحى النبي – صلى الله عليه وسلّم أن يسأل ربّه أكثر من ذلك، ثم أمضى الله عزّ وجل الأمر بهذه الصلوات وجعلها بأجر خمسين صلاة.
ماذا رأى الرسول في رحلة الإسراء والمعراج
لعلك تتساءل عما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج؛ فإليك الإجابة:
- شاهد النبي ﷺ الجنة وما بها من النعيم، ورأى نهر الكوثر وهو نهر أعطاه الله لنبيه تكريمًا له حافّتاه والحصى الذي في قعره من اللؤلؤ، وتربته من المسك.
- ورأي النبي أيضا الناس يعذبون في جهنم فرأى أقوامًا لهم أظفار من نحاس يجرحون بها وجوههم وصدورهم، فسأل جبريل عنهم فقال : “هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم “.
- ورأى أقواماً تقطّع ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار، فقال له جبريل عليه السلام: ” هؤلاء خطباء أمتك من أهل الدنيا، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون؟”.
- كما رأي مالك خازن النار.
قصة الآنية التي وضعها سيدنا جبريل للنبي
اختبار وحكمة أثناء الرحلة تطلعكم عليها سطورنا التالية:
- في تلك الرحلة جاءه جبريل عليه السلام بثلاثة آنية:
- الأوّل مملوء بالخمر، والثاني بالعسل ، والثالث باللبن، وطلب منه أن يختار.
- فاختار النبي – صلى الله عليه وسلم – إناء اللبن فأصاب الفطرة.
- لهذا قال له جبريل عليه السلام : “أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك” رواه البخاري.
أسئلة شائعة
ماذا فعل أهل مكة عندما قص عليهم النبي ما حدث معه؟
عندما عاد الرسول ﷺ إلي مكة وكان جالسًا وبه حزن لأنه يعلم أن أهل الكفر لن تتقبل عقولهم هذا الكلام؛ ولما رآه أبو جهل على تلك الحال جاءه وجلس عنده ثم سأله عن حاله، فأخبره النبي ﷺ برحلته في تلك الليلة، رأى أبو جهل في قصّته فرصةً للسخرية والاستهزاء، فقال له: ” أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني؟ ”
فقال له النبي ﷺ: (نعم)، فانطلق أبو جهل ينادي بالناس ليسمعوا هذه الأعجوبة، فصاحوا متعجّبين، ووقفوا ما بين مكذّب ومشكّك، وارتدّ أناس ممن آمنوا به ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم، وقام إليه أفراد من أهل مكة يسألونه عن وصف بيت المقدس، فشق ذلك على النبي ﷺ لأن الوقت الذي بقي فيه هناك لم يكن كافياً لإدراك الوصف، لكن الله سبحانه وتعالى مثل له صورة بيت المقدس فقام يصفه بدقة بالغة، حتى عجب الناس وقالوا: “أما الوصف فقد أصاب”، ثم قدّم النبي – صلى الله عليه وسلم – دليلاً آخر على صدقه، وأخبرهم بشأن القافلة التي رآها في طريق عودته ووقت قدومها، فوقع الأمر كما قال.
وكان سيدنا أبو بكر هو الذي صدق النبي ﷺ فورًا دون تشكيك فقد انطلق نفر من قريش إلى أبي بكر رضي الله عنه يسألونه عن موقفه من الخبر، فقال لهم: “لئن كان قال ذلك لقد صدق”؛ فتعجّبوا وقالوا: ” أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ ”
فقال: “نعم ؛ إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة”، فأطلق عليه من يومها لقب ” الصديق “.
هل يجب صيام يوم الاسراء والمعراج؟
صيام ليلة الإسراء والمعراج ليس واجب ولكنه مستحب فهو من الأيام الفاضلة التي يستحب فيها الإكثار من العبادة والتطوع.
كانت وستظل رحلة الإسراء والمعراج تكريمًا لرسلونا الكريم، ويوما نذكره وندرك أهميته ونتفاخر به، لأن رسولنا الكريم قد اصطفاه الله سبحانه وتعالى وفضله علي الخلق جميعًا، وكرمه علي رؤوس الأنبياء والمرسلين، نتمني أن نكون قدمنا مقالًا وافيًا في معلومة مفيدة.