العقل الباطن هو صندوق الذكريات والرغبات الذي تحمله في عقلك؛ إنه لا يضيع شيئاً أبداً؛ يبقى مغلقاً ومحكماً طيلة اليوم ولكن مخك قد اعتاد أن يتجول ببصره داخل محتوياته المحفوظة في أوقات نومك وبين الحين والآخر، إنه عقلك الباطن أو اللاوعي أو اللاشعور كما أطلق عليه فرويد؛ يملي عليك الكثير من الأفعال ويعد مسئولاً عن إدراكك، وفي هذا المقال نتناول إجابة سؤال هام كيف تسيطر على عقلك الباطن ؟، على موقعنا معلومة مفيدة.
كيف تسيطر على عقلك الباطن
كثير من الأحداث والمواقف التي مررنا بها لم تكن من اختيارنا؛ الإساءات التي تحملناها لم تكن خطأنا فكيف تسيطر على عقلك الباطن وتجعله يفكر بإيجابية حيال الذكريات المؤلمة، نلقي الضوء على إجابة هذا السؤال في السطور التالية:
- عليك أن تعلم أن ما مررت به في طفولتك الأولى لم يكن باختيارك.
- كما عليك أن تعلم أيضاً أن الإساءات تعبر عن أصحابها وليس عنك.
- يمكنك أن تحول تجاربك المؤلمة إلى قضية تتبناها وتناهضها.
- كما يجب أن تدرك أيضاً أن الألم وقود الأمل والعمل ومصنع الإبداع.
- من تجاربك الصعبة تستطيع أن تستلهم فكرة تساعد بها غيرك.
- عليك أن تغفر لنفسك دوماً أخطاء الماضي مهما كانت وتتقبل فكرة أنك إنسان يخطئ ويصيب.
- سامح من أساء إليك قدر استطاعتك ليس من أجله بل من أجلك أنت وامض في طريقك.
- عليك كذلك أن تعلم أن السيطرة على عقلك الباطن لا تحدث بين يوم وليلة بل هو رحلة طويلة مصحوبة بالتعثر والاستقرار والسقوط والنهوض فتقبل ذلك خلال رحلتك.
- أن تستوعب نفسك، تحبها وتحترمها لأنها موجودة ولأنها كيان ومعنى من عوامل السيطرة عل عقلك الباطن.
ما هو العقل الباطن
الفيلسوف فريدريك شيلنغ هو أول من استخدم هذا المصطلح؛ وسلط عليه الضوء بشكل كبير عالم النفس النمساوي ورائد مدرسة التحليل النفسي سيجموند فرويد، وتعتمد آلية العلاج في مدرسة التحليل النفسي على إجابة هذا السؤال كيف تسيطر على عقلك الباطن، ولمزيد من التفصيل نهدي إليكم السطور التالية:
- قسم فرويد الجهاز النفسي إلى ثلاث أقسام:
- الهو: يحتوي على الرغبات والغرائز الموجودة في اللاشعور.
- الأنا: ويتوسط بين الهو (الرغبات المكبوتة في اللاشعور) والأنا الأعلى (السلطة العليا) أي أن الأنا واع إلى حد كبير ويضبط الهوا ليوافق معايير المجتمع.
- الأنا الأعلى: ويمثل الضمير والسلطة الأخلاقية العليا.
- اعتمد فرويد على التنويم المغناطيسي في البداية للتعرف على محتويات اللاوعي.
- يشبه التنويم المغناطيسي عملية الاستحواذ على تركيزنا عند مشاهدة فيلم أو قراءة كتاب.
- من خلال الإيحاء في التنويم المغناطيسي تتم زراعة الأفكار.
- اعتمد فرويد كذلك على تقنية التداعي الحر في التعرف على محتويات اللاوعي؛ وهي ترك محتويات اللاشعور تنساب من خلال مساعدة العميل على التذكر والوصول لأعمق الذكريات دون تدخل.
- يشبه انسياب الأفكار الجلوس بجوار نافذة القطار بينما الأفكار تتسلسل دون قيود.
- لاحظ فرويد وجود مقاومة لبعض الذكريات الهامة والمؤلمة.
- يقوم العقل بنقل الذكريات الغير مرغوب فيها إلى اللاوعي ووضعها في صندوق الذكريات والرغبات المكبوتة في عقولنا.
- تتحكم هذه المشاعر والرغبات والأفكار المكبوتة في اللاوعي بشكل كبير في أفعالنا الواعية.
العلاج العقلاني والانفعالي وتصحيح الأفكار
أسس هذه الطريقة في العلاج ألبرت أليس، وتحت ظلال هذا العنوان نلقي نظره كيف تسيطر على عقلك الباطن من خلال تحسين نظرتك للأشياء والمواقف، دعونا نوضح:
- يوضح أليس أن الكثير من الاضطرابات النفسية تنشأ من النظرة اللا عقلانية للأحداث والمواقف.
- كلما نظر الإنسان للأمور بعقلانية قل تعرضه للاضطرابات النفسية.
- النظرة الغير عقلانية تكونت بسبب برمجة التفكير الخاطئة في مرحلة الطفولة.
- المخزون المؤلم من اللاوعي يملي علينا بين الحين والآخر كيف نفكر وكيف نحلل الأحداث وفقاً لخبرات الماضي.
- تمر الاستجابة عند أليس بثلاث مراحل: “الموقف أو المثير – الأفكار- الاستجابة “ويسمى نموذج أ و ب وج.
- الخطوة ب هي الأخطر والأهم حيث إن أفكارنا وتصوراتنا حول الموقف تمكننا من عبوره بسلام أو الوقوف عنده وكأنه يستهدفنا ويحطمنا.
- مما لا شك فيه أن الاستجابة للأحداث التي تعلمناها في الطفولة من خلال الوالدين والمعلمين تسهم بدور كبير في طريقة تعاملنا مع أفكارنا وتصوراتنا حول الموقف.
- مثال: إذا تعرض أحدنا لهجر حبيب أو صديق؛ فإنه يلجأ للتفكير بطريقة لماذا أنا؟ وهل العيب مني؟
- يبدأ نتيجة لهذه الطريقة في التفكير في رحلة من الانهزام والاضطرابات.
- بينما تعد الطريقة الصحيحة هي التفكير بأن لكل منا أسبابه ومن الممكن أن يتعلق الأمر به وليس بنا.
- يمكنني البحث عن بدائل وتمني الخير له.
- بالطبع سنحزن، سننهزم قليلاً، ولكن بقليل من العاطفة وكثير من العقل يمكننا تجاوز الموقف والبحث عن الحلول.
- كما يستغرق تصحيح آلية التفكير التي تعودنا عليها وقتاً يعتمد طوله وقصره على عمق هذه المفاهيم الخاطئة بدواخلنا.
- يمكننا تكرار المعلومات، قراءة الكتب حول التفكير العقلاني الانفعالي؛ كما يمكن كذلك تكرار الكتاب الواحد أكثر من مرة حتى تترسخ آلية التفكير العقلاني.
العلاج السلوكي المعرفي
العلاج السلوكي المعرفي CBT وهي طريقة معروفة لعلاج الاضطراب النفسية والسلوكية الناجمة عن تشوهات التفكير؛ يمكنها أن تجيب عن سؤالنا، كيف تسيطر على عقلك الباطن، مزيد من التوضيح في السطور التالية:
- ابتكر هذه الطريقة العلاجية آرون ت.بيك.
- تعتمد هذه الطريقة كذلك على تصحيح تشوهات التفكير التي تؤدي إلى اضطراب السلوك.
- الذاكرة لا تمحو شيء جميعنا يعلم ذلك.
- أن تسير محملاً بالأفكار والمشاعر والخبرات كثير منها لم يكن باختيارك نقدر ذلك جيداً وجميعنا بلا استثناء يشعر بذلك بين الحين والآخر.
- لذلك يرى أصحاب الاتجاهات الحديثة في العلاج السلوكي المعرفي والعلاج العقلاني الانفعالي أن التنقيب عن الأحداث المؤلمة في العقل الباطن قد يكون مضراً بالإضافة إلى أنه يستغرق وقتاً طويلاً.
- ومع استغراق الوقت فإن الذكريات لا تُمحى بل يمكننا التعامل معها من خلال تصحيح الأفكار والحديث الذي تمليه على نفسك مع كل خبرة خارجية تمر بها.
- تعمل الاستراتيجيات العلاجية الحديثة على التحكم في العقل الباطن عن طريق تصحيح الأفكار.
- تقوم كذلك الفنيات العلاجية الحديثة على تصحيح فكرة أن بإمكان أحد حل مشكلاتك.
- أنت المسئول عن التحكم في الأحداث فلا تجعلها تتحكم فيك.
- نتعرض لمثيرات متشابهة من الضغط والألم والخوف وتختلف استجاباتنا؛ وهذا ما يمكننا التحكم فيه وضبطه.
بعض الآليات المستخدمة في العلاج السلوكي المعرفي
الاضطرابات النفسية الحادة التي تسبب شللاً في الأنشطة اليومية أو تعطيل ملحوظ في حياتنا الاجتماعية تحتاج إلى التدخل العلاجي؛ ولكن عليك أن تعلم عزيزي القاري ء أنه بإمكانك ممارسة بعض من الفنيات بشكل ذاتي من خلال القراءة عن هذه الأنماط العلاجية؛ نوضح بعض من ذلك في السطور التالية:
- لعلك لاحظت عنوان المقال كيف تسيطر على عقلك الباطن؛ نعم هذا ما نأمل إليه ونحاول فيه أن نسيطر عليه ونلجم آلامه من خلال قيادة مشاعرنا والتحكم فيها.
- هذا ما يهدف إليه العلاج السلوكي المعرفي بواسطة بعض الفنيات، مثل:
- التعرض بالتدريج لمثيرات القلق.
- مثال: قلق مواجهة الجَمهور؛ يمكنك التحدث أمام المرآة، ثم عدد قليل من الأصدقاء، أو أفراد العائلة وهكذا.
- الحُوَار مع العميل ومناقشته في الأفكار التي تسبب ألمه وتثير قلقه ومخاوفه وتدريبه أيضاً على الحُوَار مع الذات.
- مثال: أنا فاشل، يمكنك مناقشته حول مفهوم الفشل بالنسبة له ومساعدته على استدعاء إنجازاته الصغيرة.
- من الفنيات الهامة كذلك الواجبات المنزلية.
- مثال: كتابة خواطر، قراءة كتاب، مشاهدة فيلم .. الخ.
- التدريب على صرف الانتباه عن مثيرات القلق.
- مثال: التدريب على التركيز على شيء معين ووصفه؛ وهذا بدوره يمكنه أن يساعد العميل في التركيز على الأشياء الهامة والتواصل البصري الفعال مع الآخرين.
- التعرض بالتدريج لمثيرات القلق.
تقنيات تساعد على تحليل عقلك الباطن
يمكن الكشف عن الكثير من مكنونات العقل الباطن والتعرف على أسراره من خلال بعض الأساليب التي تساعدنا في إجابة سؤالنا كيف تسيطر على عقلك الباطن، ومنها:
- الاختبارات الإسقاطية: وتقوم على تحليل صورة أو مشهد أو بقعة من الحبر.
- التداعي الحر: انسياب الأفكار بواسطة الحديث أو الكتابة.
- التنويم المغناطيسي: أو ما يسمى بالإيحاء (لم يعد استخدامه شائعاً في الوقت الحالي).
- الاختبارات النفسية والشخصية المختلفة.
- الأعمال الأدبية والفنية: فقد قام فرويد بتحليل العقل الباطن للعديد من الأدباء والفنانين، مثل: شكسبير، بابلو بيكاسو، فان جوخ وغيرهم.
كيف تتواصل مع عقلك الباطن بشكل إيجابي
أحياناً يمكن لصحبة ذاتك أن تغنيك عن الصديق؛ ولكن احذر أن تكون صديقاً جلاداً، عليك أن تزرع في عقلك الباطن الأفكار الإيجابية، وذلك من خلال الآتي:
- تعرف على عقلك الباطن من خلال محاولة الوصول إلى السبب الحقيقي وراء مشاعرك.
- يكون ذلك بواسطة طرح الأسئلة وكتابة الأفكار في ورقة.
- مهما كانت الأسباب لا تلم ذاتك أبداً بل ردد دائماً؛ يمكننا إصلاح كل شيء.
- تذكر أنك أكفأ من يقوم بهذه المهمة تجاهك.
- حاول أن تبتعد عن الأشياء أو الأشخاص الذين يجعلونك في حالة أسوء.
- اعلم أنه لا يمكننا فعل ذلك دائماً ولكن بمزيد من التحكم الداخلي يمكننا تجاوز الخبرات الصعبة أو المواقف المزعجة دون أن تتحكم في أمزجتنا حتى لو اضطرننا إلى التواجد فيها.
- يمكن للقراءة أن تساعدك على التعرف على تجارِب الغير المشابهة؛ يمكن للتجارب المشابهة أن تساعدك في الإجابة عن بعض الأسئلة المبهمة حول عقلك الباطن.
- العطاء والعمل الخيري يمكنه أن يصلح من تصورك عن الذات ويطوره.
- استخدم تمرينات النفس والاسترخاء والتأمل عند الشعور بالتوتر.
- تذكر أن عقلك الباطن هو حصيلة ما تملؤه به كل يوم فاحرص على إيجابية أفكارك.
- القراءة في مجالات الصحة النفسية والفنيات العلاجية يمكن أن تساعدك.
الحياة مليئة بالعقبات والخبرات الصعبة والذكريات الغير مرغوب فيها والمصائر التي لم نختر الكثير منها ولكن يمكنك الاستغلال الإيجابي لكل خبرة؛ وأن تطور علاقة إيجابية مع الذات من خلال تعلم كيف تسيطر على عقلك الباطن وتصحح أفكارك؛ أن تقود المواقف ولا تسمح لها أن تقودك، إلى اللقاء مع مقال آخر على موقعنا معلومة مفيدة.