للمماليك تاريخ حافل وقصة صعود من الرق والعبودية إلى قمة الحكم والمُلك للعالم العربي والإسلامي؛ لهم إسهامات في انتصارات وإنجازات عظيمة؛ وإخفاقات وعصور من الضعف والإنهيار على مدار ثلاثة قرون من الزمان وهذا ما سنتعرف عليه من خلال مقالة معلومة مفيدة عن عصر المماليك
المماليك
هل المماليك عرب ؟ سؤال يتبادر للذهن ظناً من البعض أنهم عرب أو مصريين الأصل رغم انهم لم يتحدثوا العربية وظلوا معتزين بلغة بنى جنسهم ولكن كلمة مملوك تعنى في اللغة العربية العبد أو العبيد البيض؛ وإليكم إجابة هذا الاستفسار:
- يعود أصول المماليك الى آسيا الوسطى ومدنها سمرقند وخوارزم وفرغانة و أوروبا الشرقية و تركيا.
- كانوا إما:
- أن يؤسرون في الحروب ويعاملون معاملة السبايا.
- يخُطفون من قبل وكلاء وتجار الرقيق أطفالاً ويُباعون في أسواق النخاسة إلى وكلاء ومندوبين الأمراء والملوك في كل أنحاء العالم.
- وقد كان يتم اقتيادهم إلى معسكرات ومدارس عسكريه معزولة عن العالم الخارجي.
- كانوا يتدربون على الطاعة العمياء ويبايعون الملوك والأمراء على الإخلاص و الولاء ويتلقون علوماً شرعيه.
- كما كانوا يتدربون ليكونوا مقاتلين أشداء مهره في استخدام السيف والرمح وتعلم مهارات الفروسية.
- تخرجوا من تلك المدارس قادة وجند وفرسان كلُ حسب قدارته ليكونوا نواة الجيش لضمان الولاء المباشر للحاكم.
- أول من استعان بالمماليك الخليفة العباسى المأمون ثم الخليفة المعتصم بالله الذي أستقدم جنود تركمان لتعزيز مكانته في الحكم ضد الفرس والعرب الذين قامت على أكتافهم الدولة العباسية كما استعان بهم احمد بن طولون و الاخشيديون في مصر
دولة المماليك
تنقسم دولة المماليك إلى دولة بحرية وأخرى برجية ولكل دولة منهم قصة نعرضها عبر الأسطر التالية ..
دولة المماليك البحرية
- كان العالم الإسلامي يعاني من ضعف الخلافة العباسية وصراعات أمراء الدولة الأيوبية في الشام ومصر.
- عمل الملك الصالح أيوب منذ تولى الحكم سنة 638 هجريه على شراء مجموعه كبيرة من غلمان المماليك الأتراك وبنى لهم قلعة بجزيرة الروضة بنهر النيل بجوار قصره بعد انشقاق جزء كبير من جيشه من الخوارزمية عقب انتصاره على الصليبيين في إحدى معارك الشام.
- في عام 646 مرض الملك الصالح أيوب مرض شديد وفى تلك الأثناء انطلق الصليبيين بحملة صليبية سابعة لاحتلال مصر بقيادة لويس التاسع عشر ونزلوا بدمياط واحتلوها وانطلقوا لاحتلال المنصورة.
- توفى الملك الصالح أيوب وأخفت زوجته شجره الدر الخبر عن العامة والجيش و أمرت قادة المماليك عز الدين أيبك وأقطاى بالاستعداد لمعركه المنصورة.
- أرسلت لتوران شاه بن الصالح أيوب بالعودة لاستلام الحكم و قياده الجيش بايعوه المماليك واستطاعوا معاً هزيمه الصليبيين في موقعة فارسكور و أُسر لويس التاسع عشر.
- ولكن بعد النصر تنكر توران شاه للمماليك أبيه وأخذ يولى من في حاشيته شئون الجيش وتوعد لهم و لزوجة أبيه شجرة الدر التي عزمت على التخلص منه بمساعدة فخر الدين أقطاى ومساعدة ركن الدين بيبرس قبل التنكيل بهم؛ وقتل توران شاه جريحاً و محترقاً وغرقاً بعد سبعين يوماً فقط من حكم مصر.
- بايع المماليك شجرة الدر سلطانه على مصر في سابقة لم تحدث في التاريخ الإسلامى وعُين عز الدين أيبك قائداً للجيش.
- لم يعترف الأيوبيين في الشام وكبار أمراء الملك الصالح بالواقع الجديد وسيطرة المماليك الأتراك الحكم على حساب الأيوبين.
خلع شجرة الدر
- رفض الخليفة المعتصم بالله الأمر وأرسل إلى مصر خطاباً مستهزئا يقول فيه أن كانت الرجال عدمت عندكم فأعلِمونا حتى نُسير إليكم رجلاً؛ وهذا الأمر ينزع الشرعية عن شجرة الدر.
- أمام ضغط الأيوبين والخلافة العباسية قرر أمراء المماليك أن تتزوج شجرة الدر نائبها عز الدين أيبك كأول سلاطين الدولة المملوكية؛ ويكون السلطان من خلف أحد أحفاد الملك الكامل الصغار وهو الأمير الأشرف موسى.
- لم تكن شجرة الدر ترضى أن تتنازل عن العرش وكانت تتعامل بأنها السلطان الحقيقي للبلاد؛ وجرى صراع بين أيبك وشجرة الدر الذى أراد أن يتزوج من أبنة أمير الموصل حيث اشتعلت نار الغيرة في نفس شجرة الدر.
- أمرت شجرة الدر أيبك أن يطلق زوجته ومنعته من رؤية ابنه فانعزل عنها بعيداً بمنطقة باب اللوق.
- أرسلت إليه استحلفته أن يأتي وأعدت له خمسة رجال لقتله.
- نصّب المماليك بعد أن تخلصوا من شجرة الدر بمساعدة زوجه أيبك ابنه نور الدين علي الذي كان صبياً صغيراً الحكم.
- لقبوه بالملك المنصور وعينوا سيف الدين قطز نائباً له فامسك بمقاليد الحكم وبعد سنتين ونصف عزم على خلع الصبي الصغير وتوحيد المماليك وتأجيل الخلافات وصراع السلطة لمواجهة خطر التتار الذين اسقطوا الخلافة العباسية.
دولة المماليك البرجية
- أسس المماليك الجراكسة من خلال السلطان الظاهر سيف الدين برقوق؛ أول سلاطين الدولة البرجية التي استمرت حتى دخول العثمانيين مصر 1517م.
- سميت باسم البرجية لأن مماليكها كانوا يسكنون ابراج قلعة الجبل وتعود جذورهم الى المنصور قلاوون امتد حكم المماليك البرجية 135 عام اشتهرت فترة حكم المماليك البرجية بكثرة تولى الأطفال الصغار الحكم
ابرز سلاطين دولة المماليك
قاد الدولة المملوكية عدة سلاطين أبرزهم:
- سيف الدين قطز:
- سمى بالملك المظفَر لإنتصارة على التتار في معركة عين جالوت؛ حكم من 657 حتى 658 هـ.
- الظاهر بيبرس:
- تولى الحكم سنة 658 هـ بعد قتل قطز وأعاد أحياء الخلافة العباسية التي سقطت بعد احتلال التتار بغداد.
- نقل الخلافة إلى القاهرة.
- عمل بيبرس خلال سنوات حكمه تحرير إمارة أنطاكية من الصليبيين.
- استطاع ضم الأراضى المقدسة ضمن ممتلكات دولة المماليك.
- عمل على تجديد المسجد النبوي والروضة الشريفة والجامع الأزهر و أكثر من إنشاء الحصون والقلاع بدمياط ورشيد والإسكندرية
- المنصور سيف الدين قلاوون:
- تولى الحكم 689 هجريه واستطاع الانتصار على التتار في موقعه حمص سنه 680 واستطاع دخول دمشق محرراً.
- هاجم المنصور حصن المرقب ناقضاً لمعاهدة مع الصليبيين وتمكن من الاستيلاء عليه.
- كما تمكن من الاستيلاء على اللاذقية سنه 686 وطرابلس سنه 688 وحاصر الوجود الصليبى بالشام.
- الملك الأشرف بن المنصور قلاوون:
- استطاع تصفية وجود الصليبيين في الشام وقام بإحتلال عكا بعد حصار دام ثلاثة وأربعين يوم؛ وكان ذلك سنة 690 هجرية.
- كما استطاع تحرير صيدا وصور وحيفا وطرطوس ودخل دمشق منتصراً بعد أن اطمن على زوال الخطر نهائياً.
نهاية دولة المماليك
لم تكن دولة المماليك تمتلك أسس لقيام دولة قوية عادلة؛ ومعظم سلاطين المماليك استمدوا الشرعية في العالم الإسلامي من صدهم لخطر التتار وطرد الصليبيين؛ ولم يكفي ذلك لتعضيد ملوكهم وكسب القلوب؛ وهناك عوامل وأسباب داخلية وخارجية ساهمت في إضعاف وسقوط دولة المماليك في أوائل القرن السادس عشر.
عوامل خارجية
- اكتشاف البرتغاليين لطريق رأس الرجاء الصالح أدى إلى تحويل مجرى سُفن الأوروبيين التي تسير إلى الشرق الأدنى عبر قارة إفريقيا.
- هذا أفقد دولة المماليك مصدر دخل هام من الضرايب الباهظة التي كان يفرضوها على سفن الشرق والغرب لنقل بضاعتهم مما ساهم في تدهور الاقتصاد وفرض البرتغاليين السيطرة الكاملة على طرق التجارة.
- انتهت سيطرتهم بهزيمه بحرية قاسية في عام 1509 في جزيرة ديو قرب السواحل الهندية.
- ظهور الدولة الصفوية بالعراق وبلاد فارس والدولة العثمانية بتركيا كمنافس قوي على زعامة العالم الإسلامى وصراعهما على ممتلكات الدولة المملوكية في الشام.
عوامل داخلية
- عاش المماليك بمعزل عن الرعية محتفظين بعاداتهم وتقاليدهم.
- انحصر زواجهم من نساء بعضهم البعض أو بنات الأمراء مما شكّل فجوة بينهم وبين الشعب.
- فساد النظام الإدارى وإساءة استخدام السلطة من قبل الولاة بسبب ضعف بعض الحكام والسلاطين الصغار.
- إرهاق الفلاح بالضرايب الباهظة التي يتم تحصيلها عنوه؛ وأجبار الفلاح على العمل في إقطاعيات الأمراء فاصبح عبداً لصاحبها.
- انتشار مظاهر الترف والثراء وإهمال العادات والتقاليد التي نشأ عليها المماليك مما أدى إلى فساد الطبقة الحاكمة.
- اهتمام المماليك بالجانب العسكري على حساب الزراعة والصناعة.
- انتشار الأمراض والفقر الشديد الذي عانى منه أغلبية الشعب مما أدى إلى حدوث أكثر من 20 مجاعة طول حكمهم.
زوال دولة المماليك
أدت العوامل الخارجية والداخلية لإضعاف دولة المماليك وانتهى هذا الضعف بالزوال؛ وإليكم التفاصيل:
- عزم السلطان العثماني سليم الأول على الاستيلاء على مصر والشام وإخضاعها للدولة العثمانية.
- كانت الدولة المملوكية في عهد السلطان الغوري تعانى أزمات متعدده وطاحنة.
- انتصر سليم الأول على الجيش المملوكي في معركة مرج دابق ليفرض سيطرته على الشام بعد خيانه خاير بك حاكم حلب.
- سار الجيش العثمانى إلى الريدانية وتعرض طومان باى سلطان المماليك بعد وفاة الغوري لخيانة أحد قواده.
- واستطاع الجيش العثمانى هزيمة الجيش المملوكى بعد قتال مرير.
- استمرت المقاومة التي قادها طومان باى حتى سقط بعد خيانة أحد العربان له وسلمه إلى السلطان سليم الأول الذي أعدم طومان باي و علق جثته على باب زويلة.
- بهذا زال حكم المماليك وانتهت الدولة المملوكية.
وبرغم زوال حكمهم إلا أن وجودهم ظل باقي طوال حكم الدولة العثمانية لمصر حتى جاء محمد علي وقضى على وجودهم في مذبحه القلعة الشهيرة.
تحدثنا في لمحة خاطفة عن عصر المماليك أو الدولة المملوكية والتي كانت بداية لدور الانحطاط في تاريخ الحضارة الإسلامية؛ فعلى الرغم من أنه شهد بعض المنجزات الفكرية والعملية إلا أن الحضارة بدأت تتراجع شيئاً فشيء؛ وختاماً نأمل أن نكون استطعنا أن نقدم لكم شرح موجز يتضمن تفاصيل ما تبحثون عنه من معلومة مفيدة.